دائما ما يبحث الانسان عن السعادة

بعضهم اعتقد انه وجدها فى المال

و البعض اعتقد انها المنصب و النفوذ


و هناك من بحث عنها فى الصداقة

و قد يكون شعور الانسان بالسعادة شعور زائف

فقد نقل لنا الادب العالمى رواية عجيبة بأسم قناع السعادة
( و هى احدى الروايات التى سطت عليها السينما المصرية كعادتها حتى بدون نسبتها لمصدرها)

تحكى القصة عن احد الشعراء الصينيين العظام الا انه كفيف

و بالرغم من ذلك فهو فى قمة السعادة لوجود زوجته الوفية الى جواره

و الى ان ابنه الشاب يمثل امتداد له فى الحياة

و الى وقوف اخاه الاصغر الى جواره

و دائما ما يمجد ثلاثتهم فى اشعار بديعة اشتهرت فى جميع ارجاء البلاد

و اثناء استمتاعه بحياته يصل الى القرية التى يسكن فيها الشاعر رجل غريب يبيع ادوية سحرية

يدفع الفضول الشاعر لمقابلة هذا البائع

و يدور بينهم الحوار

الشاعر: هل تبيع ادوية سحرية

البائع: اجل لدى افضل الادوية السحرية التى تعالج الجميع

الشاعر (و هو ضاحكا): جميع الامراض هكذا بكل بساطة

البائع (متحديا): اجل لدى علاج للجميع

الشاعر و قد قرر ان يحرجه: لا اريدك ان تعالج الجميع
فقط حالة و واحدة

البائع : و أين هذه الحالة

الشاعر: إنها أمامك و هي تعانى منذ ان ولدت و تبحث عن علاج يكمل سعادتها

البائع(و قد فهم ان الشاعر يتحدث عن نفسه): بالطبع استطيع ان اعالجك
لكن

الشاعر : لكن ماذا
هل تراجعت عن كلامك

البائع: لا لم اتراجع
لكن ليس كل ما تسعى اليه يكون مصدر لسعادتك

الشاعر ساخرا: لا يا سيدى فانا ابحث عن هذه السعادة منذ سنين

البائع: حسنا انه اختيارك
يخرج البائع احد القارورات الزجاجية من الصندوق الذى يحمله و يعطيها للشاعر

البائع: ضع محتويات القارورة على عينيك قبل نومك و ستصبح مبصرا

الشاعر بلهجة ساخرة : حقا يا للعجب

البائع: جرب و سترى

الشاعر: لكننى لن ادفع لك نقودك الا صباحا
ا
البائع : اتفقنا موعدنا الغد
لكن تذكر قولى لك ان ليس كل ما تسعى اليه يكون مصدر لسعادتك

يضع الشاعر القارورة بجوار فراشه و تأخذه الامانى و احلام اليقظة الى عوالم خيالية
عوالم يستطيع ان يرى فيه زوجته الوفية
عالم سعيد يستطيع ان يشاهد فيه وجه ابنه البار
و اوقات يقضيها و هو يتحدث مع اخاه الاصغر و هو يستطيع ان يراه

ينتبه الشاعر من امانيه و هو يردد و لما لا فلنجرب

يتناول القارورة و يضع محتوياتها على عينه و ينام

استيقظ الشاعر فجأة

و لكن ياللعجب انه يستطيع ان يرى جميع ما حوله

هل هذا منزله لكنه ليس مثل الصورة البديعة التى رسمها له فى خياله

لا يهم

المهم ان يرى زوجته الوفية ليسعدها بهذا الخبر

اين ذهبت

لماذا هى ليست بجواره كعادتها

خرج من غرفته باحثا عن زوجته

و كالمصعوق و جدها بين احضان اخيه الاصغر

لأول مرة يراهم و لا يروه

اذهلته الصدمة لثوان ثم انصرف مكسورا

يا لقسوة الحياة

حقا انها تعطى لتمنع

يبدو انه لم يتبق لي في هذه الحياة الا ابني البار

ينصرف باحثا عن و لده

يقترب من غرفته

ما هذه الاصوات

هل معه مجموعة من اصدقائه

و لكن ماذا يفعلون

يقترب ليرى و لده و هو يغمض عيناه و يمشى مادا يديه يتحسس الطريق امامه

ثم ينفجر اصدقائه ضاحكين: بالفعل انك مثله تماما

الفتى: هذا العجوز لا يفعل الا هذا

ينصرف الشاعر محطما تماما فقد انهار عالمه من حوله

هل هذه هى الحياة السعيدة التى اريدها

اين ذهب ذلك البائع الذى حطم عالمي و اخذ سعادتي

لابد ان يرجع لي سعادتي

لا اريد ان أرى هذه الحياة التعسة

اين ذهب عالمى السعيد

يذهب مسرعا الى بيت البائع و هو يصرخ : اريد ان ارجع كما كنت

لا أريد ادويتك السحرية

ارجع الى سعادتى و عالمى

ينظر اليه البائع مشفقا : الم اقل لك ان ليس كل ما تسعى اليه يكون مصدر لسعادتك

الشاعر منهارا: اجل صدقت و لكن ارجعنى الى عالمى السعيد

البائع : خذ هذه القارورة و ضعها على عينيك لترجع كما كنت

فعل الشاعر ما قاله البائع

و بالفعل رجع كما كان

رجع لأشعاره البديعة عن وفاء زوجته و اخيه
عن بر ابنه
عن عالمه المثالى

و هكذا عاد ليرتدى قناع السعادة

فهل هناك من يريد المزيد من الاقنعة