هل سيتم تطبيق أو تعديل قانون الغدر .
........... منقول ..........

18 يوليو - 2011 10:41:36 مساء
بين التحرير وروكسي وفي جمعة لم يتفق الجميع علي اسمها.. مطالبات بتطبيق قانون الغدر وتحقيق أهداف ثورة يوليو تم القضاء علي الإقطاع وأعوانه

في التحرير وروكسي مشهدان أكدا أن الشعب نفسه لم يعد يدا واحدة وأن هناك من يحاول محو الصورة التي كانت عليها مصر في الميدان خلال الثورة، وحتي داخل كلا المشهدين ينقسم كل فريق بين عدة اتجاهات وآراء ورؤي، يكيل
بعض من ينتمون الي فريق روكسي الذي قام بمسيرة تأييد للمجلس العسكري وأطلقوا علي هذه الجمعة 'جمعة الأغلبية الصامتة.. قررت اتكلم' الاتهامات الي المتظاهرين بالتحرير ويرون أنهم لا يعبرون عن جموع الشعب المصري رغم انهم طالبوا بتنفيذ نفس المطالب التي يطالب بها المتظاهرون في التحرير وأهمها محاكمة المتورطين في قضايا الفساد، بينما يري المتظاهرون في التحرير أن من يقومون بالتظاهر في روكسي ينافقون المجلس العسكري ويذكون الانقسام بين أفراد الشعب، وفي ميدان التحرير تجد بعض المنصات التي يقف عليها أفراد يهتفون بسقوط المشير والمجلس العسكري.
الميدان صامد رغم التغيرات
وفي ميدان التحرير الذي لا ينكر الكثيرون أنه أصابته تغيرات بدخول بعض العناصر حديثة العهد بالثورة، ليظهر ذلك علي بعض الممارسات التي يرفضها الثوار الحقيقيون كمحاولة غلق مجمع التحرير، الذي سرعان ما تدخل الثوار في التحرير لفتحه كما أعلنوا ذلك في لافتة كبيرة مكتوب عليها 'مفتوح بأمر الثورة' حرصوا علي وضعها أمام المجمع ليؤكدوا تمسكهم باخلاقيات الثورة في عدم تعطيل العمل والحرص علي البناء وليس الهدم، وكذلك رفضهم ما أثير حول إغلاق مترو الأنفاق ومحاولة غلق المجري الملاحي لقناة السويس، كذلك ما شهده الميدان في بعض الأحيان من مشادات بين المستجدين من الباعة الجائلين والمتظاهرين، وهو ما لم يظهر تماما خلال أيام الثورة الأولي التي التحم فيها الباعة الجائلون مع الثوار وكانوا معا يدا واحدة يهتفون معا بسقوط النظام، ولايزال الثوار الحقيقيون في التحرير قابضين علي الجمر متمسكين بمطالب الثورة وحراساً عليها مستعدين للدفاع عن هذه المطالب بأرواحهم وهو ما دفع عدداً منهم للإضراب عن الطعام كوسيلة سلمية للتعبير عن رفضهم المماطلة في تنفيذ أهداف الثورة ومطالبها.
ميدان التحرير في جمعة ظهر الخلاف فيها حتي في تسميتها بـ 'جمعة الإنذار الأخير' مازالـ رغم بعض التغيرات - يحتفظ بطقوسه وبكثير من سماته وصمود ثواره وإصرارهم علي حماية ثورتهم واكتمالها، بوابات متعددة يقف عليها حراس الميدان فتيات ونساء وشباب يؤمنون موطن ثورتهم ويفتشون كل من يدخل إليه، مازال يحتفظ بروح الدعابة وخفة الظل التي سادت الميدان حتي في أصعب الأوقات.. لافتة علي احد المداخل مكتوب عليها 'مدخل كبار الزوار الثوار' وإلي جوارها لافتة أخري لدخول السيدات مكتوب عليها 'مدخل كبار الزائرات الثائرات'، وفتيات وشباب يضع كل منهم علي صدره علم مصر أو صور شهداء الثورة أو عبارة 'إعدام السفاح' بالإشارة إلي الرئيس المخلوع.
الباعة والثوار إيد واحدة
باعة جائلون يقفون لبيع بضاعتهم من مأكولات ومشروبات وأعلام وتيشرتات بلا نزاع بينهم وبين الثوار في الميدان.
اقتربنا من أحدهم وهو عم حسن محمد 55 سنة بائع الذرة وهو أقدم بائع في الميدان حيث قضي فيه 45 عاماً من عمره منذ ان كان طفلا يأتي مع والده الذي كان بائعا متجولا في التحرير، سألناه عما ينشب في الفترة الأخيرة من نزاع بين المتظاهرين في التحرير والباعة الجائلين، وهو ما لم يكن يحدث خلال أيام الثورة، فأجاب قائلا: 'البائع المتجول مش بلطجي لأنه لو عاوز يبقي بلطجي كان إيه يرغمه يقف في الشمس طول اليوم علشان لقمة العيش، ويتحمل الغلب علشان اللقمة الحلال؟ إحنا طول فترة الثورة كنا مع المتظاهرين وكنا بنواجه الموت معاهم، وكنا إيد واحدة، لكن فيه فئة جديدة مستجدة علي الميدان من الباعة الجائلين وبعض رواد الميدان ماكانوش موجودين أيام الثورة، وهما السبب في الخلافات اللي بتحصل كل فترة، الأسبوع اللي فات لقينا حوالي 30 بلطجي جايين بالشوم عاوزين يمشونا والناس اللي في الميدان هما اللي قاموا بحمايتنا، واحنا كمان لما بنلاقي أي واحد من الثوار في الميدان بيتعرض لمشكلة بنقف معاه وبنتعامل مع بعض بكل احترام من أول الثورة، احنا كلنا مواطنين مصريين ومطالبنا واحدة ولازم نحافظ علي ثورتنا من البلطجية والفاسدين، والناس مفروض تفضل في التحرير لحد مطالب الثورة ما تتحقق، لحد دلوقت محصلش أي تغيير ولا حد اتحاكم من الفاسدين اللي قتلوا المتظاهرين.
تعددت اللافتات والثورة واحدة
وفي الميدان تعددت اللافتات التي تطالب بمحاكمة رموز الفساد والتطهير في كل الوزارات والإدارات والمحافظات تتوسطها لافتة كبري تعلن عن ميثاق التحرير الذي اتفقت عليه كل القوي السياسية التي عبرت عنها الوثيقة التي قرأها الإعلامي حسين عبد الغني بعد صلاة الجمعة وتضم أهم مطالب الثورة وهي القصاص العادل من قتلة الثوار وتشكيل دائرة مدنية جنائية واحدة تضم في مقدمتها قضايا الرئيس المخلوع حسني مبارك وحبيب العادلي، وكل رجال الشرطة المتورطين في اغتيال شباب مصر، وأن تكون المحاكمات عادلة وناجزة، وتضع في اعتبارها الشهور الطويلة التي مرت علي أهالي الشهداء دون الحصول علي حق أبنائهم، وتشكيل حكومة ثورية حقيقية بعيدة الصلة عن كل عناصر الحزب الوطني المنحل، وأن تكون لهذه الحكومة صلاحيات كاملة، علي أن يبقي المجلس العسكري ضامنًا سياسيًا وحاميًا للثورة، وضرورة التطهير الكامل وإعادة هيكلة وزارة الداخلية ووقف محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية والإفراج الفوري عن المدنيين الذين تمت محاكمتهم أمام المحاكم العسكرية، بالإضافة إلي تشكيل محكمة الغدر من قضاة مستقلين لمحاكمة رموز الحزب الوطني المنحل.
حد الحرابة للمفسدين
ورغم إعلان التيار السلفي والاخوان عدم مشاركتهم في هذه الجمعة والذي أعلن عنه المتظاهرون في الميدان بلافتات تقول 'لا أحزاب ولا إخوان الشعب المصري في الميدان' فإن هذا لم يمنع بعض المنتمين لهذه التيارات من المشاركة بشكل فردي، فوقف عم محمد المصري 60 سنة من جماعة أنصار السنة والذي جاء من بورسعيد حاملا معه لافتة تطالب بتطبيق حد الحرابة علي قتلة الشهداء لأنهم سعوا في الأرض فسادا، ليعلق لافتته في الميدان ويقف حاملا كتاب الله في يده قائلا: 'لماذا السكوت علي الطغيان؟.. لقد شاركت في ثورة يناير منذ بدايتها واليوم أقول ان الناس لن تمشي من الميدان لأنها تريد حماية الثورة من الفساد والثأر لدماء الشهداء التي لا تساوي كنوز الارض مالاً وليست مجالا للمساومة. ولابد من قطع ذيول النظام السابق التي مازالت تعيث في الارض فسادا'، وأعلن عم محمد المصري رفضه تسمية هذه الجمعة بجمعة الانذار الأخير لأن هذه التسمية تعني أننا بدأنا العد التنازلي لشئ ما ولكن التسمية الأوقع هي جمعة تجديد الانتفاضة علي حد قوله.
حراس المخلوع ومليونية السويس
وقد جاء عدد من المتظاهرين من محافظات مختلفة منهم حسام الذي جاء من شرم الشيخ ليقف علي إحدي منصات الميدان، معلنا أنه عندما ذهب للكشف في مستشفي شرم الشيخ تعرض للطرد والإهانة من الحرس الشخصي للرئيس المخلوع وزوجته، مؤكدا أن وجود المخلوع في شرم الشيخ يؤثر علي حركة السياحة.
بينما وقفت نهال اليماني التي جاءت مع مجموعة من محافظة السويس علي إحدي المنصات لتؤكد ان زملاءها المعتصمين أمام محافظة السويس والذين أضربوا عن الطعام وساءت حالتهم الصحية رفضت المستشفيات علاجهم، وعندما ذهبوا لعمل محضر في قسم الشرطة تعرضوا للضرب والسحل والتعذيب، مؤكدة أن هناك تعتيماً اعلامياً علي ما يحدث في السويس، كما دعت المتظاهرين في التحرير إلي المشاركة في مليونية بمحافظة السويس يوم الخميس المقبل، مؤكدة رفض تسمية هذه الجمعة بجمعة الانذار الأخير ولا تعرف من الذي أطلق هذا المسمي، مشيرة إلي استمرار المظاهرات والاعتصامات حتي تحقيق مطالب الثورة لذلك تفضل تسميتها بجمعة استمرار التطهير.
ويقاطعها الشاب محمود مصطفي قائلا: 'الناس في البيوت دلوقت بيشتمونا ويتهموننا بأننا بنعطل العمل وده بفعل الإعلام المضاد، طيب كان فين الانتاج قبل الثورة وكان بيروح لجيوب مين؟، إحنا هنا في الميدان علشان نبني بلدنا ويكون خيرها للشعب مش للفاسدين واللصوص وعلشان نطهر البلد من الفساد'.
ويقف عم حسين رجب جاد الله 65 سنة ليحمس المتظاهرين فيغني ويرقص علي أنغام الأغاني الوطنية وبينما يقول أحد الشباب 'انسي يا خال' معلقا علي امكانية محاكمة مبارك، يصر عم حسين علي أن الثورة ستحقق أهدافها حتي وإن طالت المدة قائلا: 'والله مش هانسي لحد ما أموت ولازم يتحاكم، إزاي ننسي دم ولادنا، إحنا هانعتصم ونضرب عن الطعام ونستخدم كل الوسائل السلمية لتحقيق مطالب الثورة ومش هنعمل أي حاجة غلط لا نقفل مجمع ولا نوقف عمل، ولازم الناس تعرف إن الناس اللي في التحرير هما صمام الأمان للثورة، ولو لحسنا التراب هتكون حياتنا أنضف من ايام المخلوع'.
بينما يطالب الدكتور عمرو حجازي المنتج السينمائي بتطبيق قانون الغدر لمحاكمة المسئولين عن فساد الحياة السياسية وهو القانون الذي تم تطبيقه في ثورة يوليو. ويتفق معه عاصم علي محمود 54 سنة قائلا: 'كان من مبادئ ثورة يولية القضاء علي الإقطاع وأعوانه والآن جميع الفاسدين اقطاعيون ولديهم ثروات هائلة جمعوها من دم الشعب فلماذا لا تصادر وتؤمم هذه الاموال والشركات والعقارات لصالح الشعب؟'.
مواهب الميدان
وشهد ميدان التحرير ايضا كعادته الإعلان عن العديد من المواهب التي فجرتها الثورة أو التي كانت مدفونة قبل الثورة واستنشقت رحيق الحرية في الميدان، لتمتلئ جنبات الميدان ومنصاته بالعديد من المواهب الغنائية والشعرية والفنية من جميع الأعمار. ووقف العديد من الشعراء يلقون أشعارهم من فوق منصات التحرير، ومنهم الشاعرة زينب أبوالنجا من حزب الأحرار، التي انفعل الجمهور بأشعارها عن الثورة وأم الشهيد والواقع العربي وعن فريد الديب محامي مبارك والقاضي قنصوة، وتؤكد أنها تعرضت للاضطهاد من النظام السابق الذي منع أشعارها وكتبها لما تحويه من انتقادات للظلم والفساد والهجوم علي إسرائيل وأنها شاركت في الثورة منذ بدايتها وستستمر حتي تتحقق كل المطالب بمحاكمة القتلة والفاسدين. وعلي أحد جوانب الميدان جلس مجموعة من الفنانين الذين التقوا في الميدان وتعارفوا خلال أيام الثورة وأطلقوا علي أنفسهم رابطة فناني الثورة وهم مجموعة من الشباب والفتيات أقاموا معرضا في الميدان يضم مئات الرسومات والاعمال الفنية التي أبدعوها للثورة، وعادوا ليعتصموا في الميدان للمطالبة بتحقيق مطالب الثورة، افترش بعضهم الأرض بينما وقف البعض الآخر ملتفا حول منضدة ليبدع أعمالا جديدة من وحي الثورة، وبين هؤلاء الشباب والفتيات استغرق طفل صغير في النوم وهو طفل تركه أبواه بعد انفصالهما للشارع ووجد في هؤلاء الشباب وفي حضن الثورة حنانا وعطفا لم يجده بين أهله.
وتؤكد ريحانة عبد الخالق إحدي هؤلاء الفنانين وهي خريجة آداب اسباني أنهم معتصمون منذ 8 يوليو وأن الحكومة والمجلس العسكري لا يتخذان أي إجراء إلا بالضغط والاعتصام والتمسك بالمطالب، مشيرة إلي أن هؤلاء الفنانين انشأوا رابطة فناني الثورة التي تضم العديد من المواهب وأقاموا العديد من المعارض.
بينما لفت انتباهنا عدد من الرسوم لشهداء الثورة وأبرزها رسم لوجه الشهيدة رضا محمد السعيد وكأنها تنظر إلي كل من في الميدان وتدعوهم للثأر لدمائها وقد رسمها الفنان عمر بيكاسو الذي يضم المعرض العديد من رسوماته لشهداء الثورة وهو خريج تربية فنية، وعندما تحدثنا معه عن اللوحة التي رسم فيها وجه الشهيدة رضا كاد ألا يتمالك دموعه، مؤكدا أنه انفعل بقصة الشهيدة وشعر وكأنها تحدثه أثناء رسمه وجهها البريء، رغم أنه لم يرها من قبل ولكن والدها أحضر صورتها وطلب منه أن يرسمها حيث إنها استشهدت في جمعة الغضب وهي في الطريق إلي عملها في ميدان التحرير وكانت تحاول إنقاذ احد المصابين فأصابها خرطوش في عينها ورصاصتان في الصدر والبطن، يقول عمر: 'لن اترك حق رضا وباقي الشهداء ولا مجال للفصال في مطالب الثورة ورغم تسمية جمعة الانذار الأخير فأنني أؤكد أن الثورة لن تتعدي حدود أنها ثورة سلمية'.