........ منقول ........
بدأت قصة المعونة الأمريكية لمصر مع وصول الرئيس الأمريكي جون كندي للبيت الأبيض في ستينيات القرن السابق، حيث قام بإرسال رسالة للرئيس جمال عبد الناصر يبلغه فيها أنه قرر منح مصر معونة قدرها 40 مليون دولار أمريكي سنوياً، عربوناً للصداقة، وقد كانت المعونة عبارة عن فائض المنتجات الزراعية الأمريكية.
فى عام 1955 تقدمت أمريكا وبريطانيا بعرض لتمويل السد العالي، عن طريق إمداد مصر بنحو 70 مليون دولار لتمويل المرحلة الأولى من السد، وبمساعدة أمريكا، تمكنت مصر من الاتفاق مع البنك الدولي للإنشاء والتعمير على قرض بقيمة 20 مليون دولار، لكن أمريكا سحبت تأييدها لمصر وكذلك العرض بعد اتجاه عبد الناصر لشراء أسلحة من المعسكر الاشتراكي، كما جمدت الأرصدة المصرية في البنوك الأمريكية كردّ فعل لتأميم قناة السويس وأوقفت إمداد مصر بالأدوية اللازمة لعلاج جرحى العدوان الثلاثي ووقف برنامج Care الخاص بتقديم وجبات غذائية لنحو 3 ملايين تلميذ، ولم تفرج الإدارة الأمريكية عن الأموال المصرية، إلا بعد التوصل لاتفاق نهائي للتعويض بين مصر وحملة أسهم قناة السويس.
وفى عام 1962 في عهد الرئيس الأمريكي جون كيندي تم التفاوض بين مصر وأمريكا على عدد من الاتفاقيات، بلغت قيمتها 670 مليون دولار تم توجيهها لاستيراد السلع الأمريكية، خاصة القمح والزيت والدخان وتمويل مشروعات السكة الحديد.
لكن في عام 1963، رفض عبد الناصر مطالب أمريكا بتعهد مصر بعدم إنتاج أسلحة ذرية وعدم الاستمرار في إنتاج الصواريخ مع منح أمريكا حق التفتيش على مصر، للتأكد من ذلك، بالإضافة إلى مطالب الإدارة الأمريكية بخفض عدد قوات الجيش، فرد الكونغرس الأمريكي بالموافقة على قانون يقضى بمنع المعونات الأمريكية عن أية دولة تقوم أو تستعد لعمل عسكري ضد أمريكا أو ضد أي دولة تتلقى مساعدات أمريكية (إسرائيل).
وفى يناير 66 عادت المعونة الأمريكية لمصر في شكل اتفاقية بقيمة 55 مليون دولار واشترطت أمريكا خفض إنتاج القطن. وفى ذلك الوقت، كانت مصر تبادل القطن بالسلاح الروسي ورفضت مصر ذلك وتوقفت المعونة مرة أخرى.
وفى أكتوبر 67، وافق مجلس الشيوخ الأمريكي على إجراء تعديل في برنامج المعونة الخارجية، يقضى بقطع المعونة عن أي دولة تقطع علاقاتها الدبلوماسية بها، وكانت مصر قد قطعت علاقتها بالولايات المتحدة في أعقاب حرب 1967 وتوقفت المعونة الأمريكية.
وفى فترة حكم الرئيس السادات وبعد انتصار أكتوبر 1973 والدخول في مفاوضات فض الاشتباك في معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية ومعاهدة كامب ديفيد، شهدت العلاقات المصرية - الأمريكية تحولا كبيرا بدأ عام 1974 بعودة العلاقات الدبلوماسية بين مصر وأمريكا، والتي توقفت بعد حرب 1967، وجاءت العودة أثناء الجولة الرابعة لوزير الخارجية الأمريكي (آنذاك) هنري كيسنجر في الشرق الأوسط.
وفى أعقاب عودة العلاقات الدبلوماسية، وافق بنك الاستيراد والتصدير الأمريكي في يناير 1974 على منح مصر قرضا وضمانات تصل إلى 100 مليون دولار لتمويل إنشاء خط أنابيب البترول، كما وافق بنك تشيسى مانهاتن على عرضين بتحويل متوسط الأجل بقيمة 80 مليون دولار.
وفى عام 1975، صادق الرئيس الأمريكي فورد على قانون المعونات الخارجية الأمريكية لعام 75 وبلغ نصيب مصر منها 250 مليون دولار، وأثناء جولة كيسنجر الثانية، تم التوقيع على أول عرض ضد برنامج المعونة الأمريكية بقيمة 80 مليون دولار لمصر، تستمر المعونة الأمريكية في الارتفاع لتصل إلى 2.1 مليار دولار معونة عسكرية و815 مليون دولار معونة اقتصادية، بعد توقيع كامب ديفيد ومعاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية.
واستمرت المعونة الأمريكية لمصر بهذا المعدل إلى عام 1998، حيث تقرر تخفيض المعونة الاقتصادية بمعدل 5% سنويا بدءً من عام 1999 لمدة عشر سنوات، مع الإبقاء على المعونة العسكرية دون تغيير حتى عام 2008- 2009، ثم يعاد النظر بعد ذلك في المعونة الأمريكية لمصر.
واقترحت أمريكا تكوين هيئة أو صندوق بين مصر وأمريكا في نهاية مدة التخفيض، يكون بديلا عن المساعدات الأمريكية لمصر.. وتحاول أمريكا تحويل المعونة إلى شراكة مصرية – أمريكية، إلا أن المفاوضات المصرية - الأمريكية لم تتمكن حتى الآن من توقيع اتفاقية الشراكة.. ومن غير المتوقع التوصل إلى هذا الاتفاق قبل نهاية المدة المحددة لإعادة النظر في المعونة الأمريكية.
وقدرت المعونة الأمريكية لمصر خلال الـ 30 عاما السابقة، بنحو 30 مليار دولار، ولم تتلق مصر منها نقداً، سوى مبالغ ضئيلة، بينما حققت الولايات المتحدة لنفس الفترة فائضا تجاريا مع مصر بلغ نحو 45 مليار دولار، ولم تزد قيمة الصادرات المصرية للولايات المتحدة على 6.7 مليار دولار، بينما بلغت الصادرات الأمريكية لمصر أكثر من 55 مليار دولار، وقد ساعد برنامج المعونة على فتح السوق المصرية للسلع الأمريكية التي أصبحت لها الأفضلية، رغم ارتفاع أسعارها عن مثيلاتها الآسيوية.
وكشف تقرير لوزارة التخطيط المصرية أن حوالي 40 % من المعونة الأمريكية لمصر طوال السنوات الـ 26 الماضية أو ما يعادل 6.8 مليار دولار من أصل 25 ملياراً، تذهب لشركات أمريكية في صورة استيراد سلع وخدمات من أمريكا وأن الصافي النهائي الذي تحصل عليه مصر، لا يزيد على ثلث إجمالي المعونة
المفضلات