فى نهايات خمسينات القرن الماضى وفى الفترة التى كانت الإرادة السياسية المصرية موجهة الى خلق قاعدة صناعية لمنتجات التكنولوجيا الحديثة مثل السيارات والآلات الكهربية،
تقرر الإستعانة بخبرات إحدى الشركات العريقة فى مجال السيارات لأتناج اول سيارة ملاكى مجمعة محليا،
على ان يكون التجميع فى شركة النصر للسيارات التى كانت فى ذلك الوقت تقوم بتجميع سيارات النقل.
تم طرح مناقصة عالمية لشركات السيارات تقدمت لها ققط ثلاثة شركات، رينو الفرنسية وفيات الإيطالية وشركة اخرى من المانيا الشرقية
كان العهد لا يزال قريبا بحرب السويس (العدوان الثلاثى) وبالتالى كانت العلاقات السياسية مع فرنسا متوترة،
كما ان عرض الشركة الالمانية الشرقيه (قد تكون فارتبورج او تارابانت لست متاكدا) كان دون المستوى الفنى،
ولذلك فقد تمت الترسية على فيات وبدأ التجهيز لإنتاج السيارة فيات 1100 والتى كانت تمثل الفكر الحديث فى إنتاج السيارات الصغيرة فى ذلك الوقت.
فى العام 1959 على ما اذكر ظهرت فى الشوارع المصرية تلك الاعجوبة الصغيرة ،
فيات 1100 المجمعة محليا، تحاول شق طريقها على إستحياء بين السيارات الأمريكية الفارهة التى تعود الى عصر ما قبل الثورة (التى لم يكن قد مر عليها سبعة سنوات بعد) ،
وغيرت هذة السيارة فكرة المصريين عن السيارات،
حيث كانت السيارات فى مصر قبل عصر ال1100 هى اختراع فاخر مقصور على الاثرياء(مثل شاليهات الساحل الشمالى الآن مثلا)
ولكن مع ظهور ال1100 التى راح المصريون يتشممونها فى حذر فى البداية ثم بدأو التعامل معها ليجدو انها سيارة جميلة
ويعتمد عليها برغم حجمها المتناهى الصغر، وبناء على ذلك ظهرت طوابير الحجز الطويلة للسيارة ال1100 ،
واصبح الحصول على واحدة منها يستلزم وسائط وكوسة وحاجت كتير جدا!!.
مع نهاية العام 62 وكارثة حرب اليمن وإحالة الكثير من سيارات ما قبل الثورة الى التقاعد اصبحت ال1100 هى الحل الوحيد المتاح،
وبدات تغطى شوارع مصر واصبحت معظم سيارات التاكسى وسيارات الشرطة وسيارات الشركات الخ من طراز ال1100،
وبدا كأن مصر كلها تركب هذة السيارة الصغيرة التى شكلت اول نجاح حقيقى لشركة فيات فى مصر، حيث ان مصر قبل ال1100 لم تكن تعرف شيئا عن فيات سوى بعض سيارات التوبولينو العتيقة التى لم تكن تمثل عدد يذكر.
كانت ال1100 هى بدايه فيات الفعلية فى مصر ولم تكن النهاية، ومع الوقت ظهرت موديلات اخرى مجمعة محليا لنا معها لقاءات اخرى، وظلت ال1100 على خطوط الإنتاج
حتى عام ، 1971 إلا انه فى اواخر الستينات ظهر شكل معدل من الموديل 1100 كان يسمى 1100R والذى لم يلاقى نجاحا مثل سابقتها ال1100 وخصوصا لظروف النكسة،
ولم يحب المصريين الموديل R واطلقوا عليها تشنيعات كثيرة اشهرها جمله ” العار ولا ال R يابوى” المنحولة على المثل الشعبى”الطار ولا العار يابوى”،
ولذلك ظل الموديل الأقدم من ال1100 هو الكثر قبولا وطلبا لدى المصرين كسيارة مستعملة على مر العقود التالية
وهكذا فإن السيارة 1100 كانت اول حكاية مصر مع الفيات التى استمرت حوالى 50 عاما كانت فيها فيات هى المورد الرئيسى لسيارات مصر،
وللعلم فإن فيات دائما ما تذكر مصر فى دعاياتها كقصة نجاح ، يختصرونها بهذة الجملة
“على مدى ثلاثين عاما كانت سيارة من كل ثلاثة سيارات تباع فى مصر من إنتاج فيات”
بقلم مهندس خالد عمر