منذ أول لحظة وأنا أقول لا يصح محاكمة أمثال هؤلاء أمام القضاء الجنائي ... لقد كانت ثورة سياسية لذا كان يجب أن تكون المحاكمة على أوضاع البلد السياسية والإقتصادية والإجتماعية .. إذا كان يجب أن تكون المحاكمة أمام محكمة سياسية مشكلة من نواب الشعب نفسه ... ولكن من الذي كان سياحكمهم ...؟ المجلس العسكري !!! ... إنهم قادة جيشه وأولياؤه المخلصين له طوال عمرهم .. وهم ذات العصبة التي يجب محاكمتها من الأصل .. وهم من اقترح إحالة الجميع الى المحاكمات الجنائية بدعوى العدل .. وهي كلمة حق يراد بها باطل .. وهو فخ وقع فيه القضاء رغما عن أنفه لأنه لا يمكنه رفض نظر اية قضية
فالعدل أن نحاكمهم على تردي أوضاع الدولة ككل طوال ثلاثين عاما من الرجوع الى الخلق وبسرعة صاروخية ... العدل أن نحاكمهم على إفشاء الفساد الذي أصبح سمة الشعب والدولة ... العدل أن نحاكمهم على ثروات البلاد التي نهبت لثلاثين عاما كاملة دون الوقوف على أوراق وسجلات المؤسسات التي كانوا يحكمونها ... العدل أن نحاكمهم على ما وصلت اليه مصر والمصريين بين جميع دول العالم من امتهان ولا مبالاة حتى أصبحت مطيتهم في كل محفل وظرف ...
وليس العدل أن نحاكمهم على قتل المتظاهرين جنائيا وهي قضية لا يمكن بأي حال جمع أدلة إدانتها في ظل ما شهدته البلاد من فوضى .. ولكن العدل أن نحاكمهم عن الفوضى التي أدت الى ذلك .. فكل هذا ليس واردا في قانون العقوبات المصري ولن تقضي به محكمة قانونية واحدة .. ولكن تقضي به محكمة ثورية شعبية يرتضيها الشعب من بين نوابه ... كنت ولا أزال أنادي باتخاذ هذه الخطوة
وكذلك ما ذنب النيابة العامة ... النيابة العامة في حالة عدم توفر الأدلة التي تقنعها برفع الدعوى الجنائية في مواجهة المتهم في القضايا العادية يكون قرارها بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية .. أو بحفظ الأوراق إداريا ... ولكن لم يكن من الممكن أن تقوم النيابة بمثل هذا الإجراء في ظل هذه الظروف حتى لو لم تكن الأدلة الكافية متوافرة
وبالمناسبة ليست النيابة العامة هى من قام بتحقيق الوقائع المرتبطة بموقعة الجمل
من قام بطمس الأدلة .. إذا كانت هناك أصلا أدلة كافية لإقناع محكمة عادية بالإدانة ..هم المسئولين .. ومن قام بطمس الأدلة هو ذاته من قام بجمعها .. إنهم قيادات الداخلية ذاتها ... فما يمس العادلي يمس جميع قياداته بلا استثناء .. كم من قيادات العادلي تم حبسهم معه في حين أن الباقون كانوا أحرارا في مناصبهم يعملون في همة ونشاط لطمس أي مما يمكن أن يشير اليهم أو لقياداتهم
المجلس العسكري هو من بدأ سلسلة المحاكمات الجنائية وهو يعلم تمام العلم نتيجتها المؤدية اليها ... وهو من قام بتشكيل كل لجان تقصي الحقائق ... وهو ما علمناه جميعا منذ لحظة إحالتهم الى المحاكم الجنائية ... ولكن لم يستمع الشعب وفرح بإحالتهم الى المحاكمة ظنا منه أن القاضي سوف يقضي بالإعدام بمجرد النظر الى وجوههم التي يظهر عليها غضب الله
كان يجب وما زال يجب محاكمة هؤلاء سياسيا عن مدى الوضع المتردي الذي وصلت له البلاد خلال فترة حكمهم التي امتدت الى الثلاثين عاما والمختص بمحاكمتهم سياسيا هو مجلس الشعب فلماذا لم يقم مجلس الشعب الفائت بطلب ذلك ... لأننا لسنا دولة مؤسسات ولكننا دولة الرجل الواحد وكان هذا الرجل وقتها هو المشير ولم يكن ليوافق على هذا فلزموا الصمت جميعا .. ولكن كان أن يتم حلهم بسبب إصرارهم على محاكمة مبارك سياسيا أكرم لهم من أن يتم حلهم لأسباب أخرى تافهة كما حدث .. وفي جميع الأحوال كان سيتم حلهم
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة karim_monir
غياب الادلة احد اهم الاسباب
لكن ده مايمنعش ان في فساد قضائي
وفعلا حكم العكسر الفاسد كان من اهم اسباب تتابعات فساد الدولة اللي عايشينة
أنا معك فيما ذهبت اليه وأن هناك فسادا قضائيا بالفعل .. ولكن ليس الذي يتصوره الشعب .. وهو وجود العديد و العديد من القضاة فاسدي الذمم والضمائر والذين يحكمون بما يمليه عليهم النظام الحاكم رغبة في مال أو سلطة إضافية .. هذه الصورة من فساد القضاة تعد أقل صور الفساد وجودا بين القضاة ولا أكون مبالغا إذا ما قررت أن عدد من يتصورهم الشعب بهذه الصورة لا يزيد على النصف من العُشْرِ في المائة من عدد القضاة ... ولكن للأسف كان النظام الفاسد يعلمهم ويعلم يقينا أين يقوم بوضعهم كي يؤازروه إذا ما احتاج لخدماتهم ... والأمثلة موجودة ولا داع لذكرها ... وثورات القضاة ضد أمثال هؤلاء معروفة من الجميع ولكن للأسف لم تكن لتؤتي ثمارها في ظل نظام كان يفيض بالفساد من كل جوانبه
ولكن الفساد الموجود والذي يشعر به المتقاضي نفسه هو انعدام وبطء العمل القضائي ووجود العديد من القوانين الفاسدة والإجراءات التي عفا عنها الزمان وتقليص سلطة القاضي والنيابة العامة في التحقيقات وجمع الأدلة بالعديد من القوانين وعدم تناسب عدد القضاة مع القضايا التي ينظرونها وعدم الإستقلال الكافي الذي يحصل عليه القاضي أثناء مباشرته لعمله .. والعديد والعديد من الأسباب الأخرى التي لا يشعر بها المواطن ولكنها تؤدي في النهاية الى عدم تحقيق منظومة العدل لهدفها ... وهو ما يشعر به المواطن في النهاية .. ولكن ليس من بين تلك الأسباب وجود العديد والعديد من القضاة فاسدي الذمم والضمائر كما يتصور العامة من الشعب ... فالقضاة حين ينظرون قاضاياهم .. -وما قابلت أحدا منهم غير ذلك حتى لحظة كتابة السطور- .. قد يسهرون عليها ليل نهار سواء في بيوتهم أو في محال أعمالهم مبتغين في ذلك عدل الله وخائفين مرتعدين من ظلم إنسان
قد يكون منهم الكثير الذين يسيئون المعاملة مع المواطنين ومن يتعامل بشيء من الصلف ومن لا تعجبك طريقته في التعامل في أمور حياته الشخصية وهذا طبيعي لإنهم في النهاية بشر .. وقد قابلت شخصيا العديد والعديد من هؤلاء .. ولكنهم والشهادة أحسبها حق سوف يحاسبني الله عليها أنهم هم بذاتهم حين نظرهم لقضاياهم لا يبتغون إلا رضوان الله
وفي النهاية لا يسعني سوى تقديم مثال بسيط ... هل تتذكرون قاضي الدقهلية الذي قبل أن ينطق حكمه بالبراءة لمدير الأمن وثلاثة من مساعديه إذ قال بنبرة حزينة أنه يُعزّي أهالي الشهداء وفي موقف مؤثر أدمى القلب .. عزّى نفسه على موت ابنه الذي استشهد في أحداث الثورة !! ولكنه حكم بما أمامه من أوراق وأدلة وليس بما لديه من قناعات ورغبة إنسانية في الثأر من قتلة ابنه؟
والله من وراء القصد ... سبحانك اللهم لا إله إلا أنت أستغفرك ربي وأتوب إليك