الرصيف
يدور الحديث الأن عن تنمية مصر, وأساس التنمية البشر, وهؤلاء البشر لا يجدون مكاناً للمشى, فماذا تنتظروا منهم؟, أسكن فى منطقة شعبية, ولا وجود للرصيف إلا فيما ندر, بالطبع توجد أرصفة ولكنها غير موجودة بشكل فعلى أو خارج نطاق الخدمة, فقد تم الإستيلاء عليها من قبل أصحاب المحلات والمقاهى وبعضها للركن ... إلخ, والمشكلة الحقيقية هى التعايش والإعتياد, فأصحاب المحلات لا يروا أنة إستيلاء على ممتلكات الناس والناس لا ترى مشكلة أساسا, فقد تعود الجميع وأصبح هذا هو النظام, والخارج عن النظام شخص غريب الفكر والأطوار, فالناس تخرج من البيوت لتمشى على الرصيف مسافة تقل عن عشر أمتار مثلا ثم يفاجئ بما يعترض طريقة على الرصيف فينزل ليمشى فى نهر الطريق المخصص للسيارات وفى هذا التوقيت تكون هناك سيارة فى نفس الطريق فيستخدم السائق ألة التنبية لتنبية الماشى أن علية إفساح الطريق حتى تمر السيارة وبالتالى يصدر ضوضاء لا حاجة لها ويضطر الماشى أن يتجنب السيارة وتعبر السيارة ويمشى أخر وتأتى سيارة أخرى ومشاة وسيارات .. وهكذا إلى أن ينتهى اليوم, فيعود المشاة إلى بيوتهم فى غير حالة إنضباط عصبى وهم لا يعلمون, ويعود قائدى السيارات إلى بيوتهم كذلك وهم أيضاً لا يعلمون, ويظل الحال هكذا والجميع لا يعلم شئ, فقط من الممكن أن تجد من يشكو إليك كل حين أن الشارع قد إمتلئ بالمشاة وأنة لا يجد طريقاً بينهم بسهولة ويسب الناس, ويفعل الماشى مثله فيسب قائدى السيارات حتى يتحول الماشى إلى قائد سيارة فيكف عن سباب قائدى السيارات ويتحول القائد إلى ماشى فيكف هو الأخر عن سب المشاة, يحدث هذا بشكل يومى فى المناطق الشعبية ويحدث أيضاً فى المناطق الراقية ولكن بشكل أقل حدة, أرى أن المشى على رصيف خالى من أى شئ إلا المشاة هو الأمر الطبيعى وما دون ذلك هو عبث وعدم تنظيم ولكن لا يرى الناس هذا, فالناس هنا لا تهتم بشئ إلا لقمة العيش ولا يعرفوا شيئاً عن حقوقهم وإن عرفوا سكتوا فهم ضعاف الفكر والنفس ويحسبهم الجاهل غير ذلك.
لا أعرف كيف حدث هذا فى ظل كل روساء الأحياء وجيوش الموظفين التى تملأ مكاتب الحى, وهذا يحدث من زمن بعيد ولا أحد يتكلم أو يرى شيئاً يستحق الحديث, فما معنى وجود رصيف للمشاة؟ وما أهمية ذلك أصلاً بالنسبة لرئيس الحى؟, لو قرر أحد أن يمشى على الرصيف فى منطقة شعبية لكان هذا من قبيل السخرية فلا يوجد مكان للمشى ولا حتى عشرة أمتار متصلة, وإن كانت فهى غير مطمع بمعنى أنها ليست قابلة للإستغلال التجارى.
ولتوصيف ما يحدث تحديداً لمن لا يعلم, فهو إقتطاع الجزء الذى يوجد أمام المحل التجارى من أجل ضمة للمحل وجعلة جزء لا يتجزأ من المحل بغرض جذب الزبائن وعرض البضائع أمامهم لتسهيل تعريفهم بما لدية من منتجات وهى طريقة ساذجة فى الفكر والتطبيق ولكن المهم هنا هو أن صاحب المحل عندما يؤجر أو يشترى المحل يكون أو شئ يقوم بفعلة هو توضيب المحل كما يقال, ويتم هذا عن طريق مثلا وضع السيراميك على الأرض ففى هذة الحالة يقوم بفرش الأرض بالسيراميك داخل المحل والقطعة التى أمام المحل من الرصيف فهو متأكد أنها ملك خاص له, وإلا لما قام بتوضيبها, ويقوم بعد ذلك بوضع بعض البضائع على هذا الرصيف الذى كان رصيفاً لتعريف الناس, وعليك أيها الماشى أن تمشى إلى أن تجد البضائع وقد سدت عليك الطريق أن تنزل إلى نهر الطريق ثم تصعد ثانية إذا أتيحت الفرصة لذلك, وإن لم تتح فأصبر فلربما تجد منطقة فى الرصيف لم يتم إستغلالها بعد فهنيئاً لك بها.
أما عن المقاهى فأصحابها لا يكتفوا بالرصيف نظراً للرغبة فى زبائن أكثر, فيقوموا بوضع الكراسى والمناضد الخاصة داخل المقهى الضيق بطبيعة الحال وعلى الرصيف وفى نهر الطريق أيضاً, وهو أمر عادى جداً فى المناطق الشعبية وما غير ذلك هو المستغرب.
أفكر يومياً فى هذا الأمر وأنا فى الطريق ولا أجد إجابة, أين الرصيف؟ لا يوجد مكان على الرصيف للمشى, فلقد تم إستغلالة وإنتهى الأمر والجميع سعداء بذلك.
المفضلات