الموضوع: تقرير حوادث الطرق

جريدة الفجر التي نقرا منها لنبيل عمر قراءته لأرقام كارثية من سجلات حوادث الطرق في مصر:
(قبل أيام وصلتني من مركز المعلومات دراسة خطيرة جدا ، بعنوان "حوادث الطرق فى مصر" عن عام 2007، وهو موضوع أثير لى كتبت عنه مريرا ووصفت هذه الحوادث بأنها "حرب أهلية على الأسفلت"، عدد ضحاياها سنويا يفوق عدد ضحايا الحرب حروبا ضارية حولنا : في العراق وفلسطين أو بعيدة عنا في أفغانستان!
وحوادث الطرق ليست مجرد تصادم سيارات أو انقلاب مقطورات أو سقوط ميكروباصات في الترع والرياحين أو خروج قطارات عن قضبان السكك الحديدية، وإنما دماء مسالة ، وبشر مصابون بعاهات مستديمة ، وزوجات تترمل ، وأبناء تتيتم، وأمهات تثكل ، وآباء يفقدون فلذات أكبادهم. تراجيديا مروعة إن لم نكن قادرين على تجنب ـ قسوتهاـ، فالمكتوب مكتوب ، لكن على الأقل يمكن أن نخفف منها، وكم رأيت من أسر انهارت وضاعت الحياة الجميلة من بين أيديها في "حادث
على الطريق"!
"تبدو الأرقام وهيمة ومخيفة أيضا ، وإن كانت اقل مما توقعت ، إلى درجة اننى حمدت الله أنها "تجمدت" عند هذا الرقم ، 22400 ألف حادث سيارات في عام 2007، وكانت الأرقام التي سبق نشرها تتجاوز الـ 35 ألف حادثة.. والدراسة في مقارنات كثيرة وضعت عام 1990 هو المؤشر أو القاعدة التي نقيس عليها، والمدهش أن معدل عدد الحوادث قل في العام الماضي عما كان عليه منذ 17 عاما، فقد كان 35 حادثة لكل مائة ألف مواطن ، وانخفض إلى 30 حادثة فقط ، وهذا انخفاض كبير جدا ، وفر ما يقرب 4000 حادث لو استمرت الحوادث على معدلها في عام 1990 !
وفى الحقيقة الدراسة لا تبين كيف حدث هذا الانخفاض ، في الوقت الذي انفجرت فيه عدد المركبات على الطرق ، وتضاعفت الطرازات الحديثة من السيارات المغرية بالسرعة الجنونية ودهش الشعار الجميل "القيادة فن وذوق واخلاق"! والمدهش أن عام 2000 هو الأعلى في معدل حوادث الطرق عبر 17 سنة ، وقد وصلت إلى 40 حادثا لكل مائة ألف نسمة ، وعام 2006 هو اقلها 26 حادثا لكل مائة ألف نسمة.
ولم يقل معدل الحوادث منسوبا إلى عدد السكان فحسب ، بل أيضا قل منسوبا إلى عدد السيارات ، فقد انخفض من8.3 لكل ألف سيارة إلى 5.3 لكل ألف سيارة. وهذا شيء طيب للغاية.
وبالطبع لم تقدم الدراسة هذا التفسير لأنه ليس دورها، هي فقط ترصد الواقع والوقائع وتصنفه بطريقة علمية لمن يريد أن يفهم ويفسر ويشرح ويقرر!
الغريب أن تحتل الجيزة مقدمة محافظات الجمهورية في حوادث السيارات ، أكثر من تسع حوادث يوميا ، وإن كانت قليلة الخطورة ولا يروح ضحية الحادث سوى فرد في المتوسط ، لكنها كثرة الحوادث فيها مسألة تحتاج إلى مراجعة شاملة من مرور الجيزة على الطرق والسائقين والسيارات.. ويليها القاهرة بالطبع في كثرة عدد الحوادث لكن على مسافة بعيدة ، فالقاهرة أقل من الجيزة بنسبة 30% تقريبا ، وهذا منطقي فالقاهرة مخنوقة الشوارع يكاد يتوقف فيها المرور تماما، وحين تخرج منها السيارات إلى الطرق الأسرع نسبيا ، تكون قد دخلت إلى محافظات أخرى: القليوبية أو الجيزة. وبعد القاهرة تأتى الدقهلية، وهذا شيء منطقي، فطريق بنها المنصورة من
الطرق الصعبة جدا ومزدحم أغلب الوقت ، وأي غفوة أو غفلة أو شطارة تسبب كارثة على النور، لكن الغريب حقا ألا تحتل الدقهلية مكانة متقدمة في ترتيب أخطر عشر محافظات في حوادث الطرق ، ويبدو أن زحام كل من طريق بنها المنصورة أو طنطا المنصورة مع كثرة القرى والمدن التي تقطع الطريق وتبطئ من سرعة السيارات لها "يد" في تقليص درجة الخطورة مع كثرة عدد الحوادث!
لكن أسيوط تستحوذ على أعلى نسبة من الحوادث الخطيرة، مع أن عدد حوادثها اليومية ضئيل ولا يدخل ضمن المحافظات العشر الأول على مستوى الجمهورية، وبالرغم من هذا فكل حادث فيها يروح ضحيته ما يقرب من سبعة مواطنين ما بين قتلى ومصابين ، وهو رقم مخيف فعلا ، ويبدو أن الطرق في محافظة أسيوط "حرة
غير خاضعة لرقابة من أي نوع ، فيرتفع فيها نسبة الاستهتار بحياة الناس. كما أن الطريق الزراعي من أول المنيا إلى أول سوهاج قاطعا محافظة أسيوط بطول 120 أو 130 كيلومترا بمحاذاة الرياح التوفيقي كله منحنيات خطيرة ومعقدة، ومع السرعة والغفلة تبتلع الرياح بعضا من الضحايا وتسال دماء بقيتها على الأسفلت!)