أستاذ كريم .. بالرغم من تعجبى الشديد لوجود هذا النموذج من إحترام حقوق المستهلك فى مصر فى ظل ثقافة الشعار القائل "البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل" إلا أننى أندهش أكثر لغباء معظم التوكيلات والتجار - إلا قليل منهم - لعدم تبنيهم سياسة رضاء العميل التام ، وحقه فى إرجاع وإستبدال السلعة لأى سبب .. طبعاً دعك من تلك القصاصة الورقية الموضوعة ببرواز فى مدخل معظم المحال المتضمنة حق المشترى فى إستبدال السلعة فى خلال 14 يوم من تاريخ الشراء لأنها موضوعة فقط بقوة القانون ، لأن عند التطبيق يجد البائع مليون مبرر وسبب لرفض رد أو إستبدال السلعة من باب الفهلوة والضحك على الزبون "وإللى مش عاجبه يضرب دماغه فى الحيط" ، مع أن ذلك قمة الغباء وقصر النظر .. لأننى شخصياً ممكن أدخل المحل مرة واحدة ولا أكررها بسبب رفضه قبول رد السلعة لوجود عيب فيها ورفضه رد الثمن وفى أحسن الأحوال يطلب شراء أى سلعة أخرى بنفس القيمة حتى وإن كنت فى غير حاجة لها . نفس سياسة البائع المتجول "بيع وإجرى" .


فكرتنى حكايتك بحكاية قديمة من زماااان حدثت لصديق لى عندما كان فى زيارة للسويد فى ضيافة صديق له متزوج ومقيم هناك .


فى يوم من الأيام خرج مع صديقه وزوجة صديقه فى جولة للتسوق بدأت بالمرور على أحد المحلات حيث رغبت زوجة صديقه فى إعادة بنطلون جينز للمحل وهى مستاءة جداً لظهور عيب صغير فى النسيج لم يظهر عند الشراء ولكنه ظهر بعد إستعمال ولبس وغسيل لمدة 6 شهور !! نعم .. ستة شهووووور !! ولاحظ مرة أخرى أن البنطلون جينز .. أى أنه بطبيعته بنطلون خدمة شاقة وبهدلة!!
تأكد فى نفس صديقى عند دخوله المحل أنه سيشهد خناقة سيضطر معها للتدخل السريع للدفاع طبعاً عن صديقه وزوجته .. إلا أنه وقف مذهولاً وهو يشاهد مدير المحل يتقدم بكل كلمات الإعتذار وطلب الصفح عن هذا الخطأ الغيرمقصود وطلب بدون تردد وبمنتهى الأدب من السيدة أن تختار أى شىء بالمحل كبديل عن البنطلون إن رغبت ولكنها لم تجد مايناسبها فطلبت إعطائها كوبون بقيمة البنطلون المرتجع لتعود فى أى وقت للمحل حين ورود ماتريده !!


إنتهت قصة البنطلون الجينز المستعمل لمدة ستة شهور ، ومع إنبهار وإندهاش صديقى بما رآه بعينيه لأول مرة فى حياته أعجب ببنطلون فى نفس المحل وقرر شراؤه وأخذ يقلب البنطلون بعينه بكل حرص حتى يتلافى وجود أى عيب فهو عائد إلى مصر ويستحيل إعادة البنطلون .
لاحظ مدير المحل تفحص صديقى للبنطلون فطلب من صديقى بمنتهى الأدب ألا يتردد فى العودة للمحل لرده فى حالة عدم رضائه .. فرد صديقى أن ذلك غير ممكن حيث أنه غير مقيم بالسويد وسيعود إلى مصر قريباً فرد مدير المحل بلهجة جادة لا تخلو من الإندهاش : "ولماذا غير ممكن ؟! تستطيع فى أى وقت أن ترسله لنا بطرد بريدى وسنرسل لك بديله فوراً لعنوانك مع تحملنا كل المصروفات" .


إندهشت وللا لسه ؟؟!!


على فكرة .. حدثت وقائع تلك القصة أواخر ثمانينيات القرن الماضى !!
تخيل معى مدى رضاء زبائن ذلك المحل وإرتباطهم به والدعاية التى حصل عليها طوال السنين الماضية .. والثمن بنطلون .