تم الاكتفاء بالخبر المنقول وحذف الباقى، ظروف الأزمة الحالية لا تتحمل مزيد من الشتيمة فى البلد-الادارة 4
كتب محمد علي إبراهيم:
أصبحت حنجرة حسن نصر الله أشهر من سلاحه.. وتحولت الشاشة التي يطل منها علي الجماهير إلي وجبة شبه أسبوعية لزعيم حزب الله الذي كاد في شهر مايو الماضي أن يحتل لبنان كلها ويعلنها دولة شيعية إرضاء لإيران.
سماحة الشيخ حسن نصر الله بعد أن أجهز علي لبنان مرتين. وجه حنجرته الذهبية إلي مصر وقيادتها منذ بدأت أزمة غزة.. فالشيخ يتصور أن الدولة العربية الكبري التي تعمل ليل نهار علي وقف نزيف الدم الفلسطيني تتآمر مع إسرائيل علي تصفية القضية الفلسطينية.. وهكذا سولت له نفسه ولم يستعذ بالله.
لقد وقف وزير الخارجية المصري أمس أمام مجلس الأمن غاضباً ومترجماً حنق الشارع العربي كله علي إسرائيل وتساءل: ماذا يحتاج المجلس لأكثر من 650 شهيداً فلسطينياً وثلاثة آلاف جريح كي يتحرك؟! لم يعجب هذا الكلام الشيخ حسن نصر الله الذي تساءل بدوره ماذا تنتظر مصر لتفتح معبر رفح بشكل دائم وحقيقي ونهائي لمساعدة أهل غزة.
وذهبت تهيؤات وخيالات نصر الله إلي حد الزعم بأن الحكومات العربية - ووضح أنه يقصد مصر تحديداً - عليها مسئولية مساعدة المقاومة علي وقف العدوان ولا تكون وسيطاً للضغط عليها لقبول شروط إسرائيل.
ويبدو أن المخبأ الذي يتحصن داخله نصر الله ليس به سوي محطات التليفزيون الإيرانية والتليفزيون السوري. ولا يري سواهما.. لأن العملاء في العالم كله يجري لهم غسيل مخ حتي لا يشاهدوا دعاية مضادة وإذا شاهدوها لا يصدقونها!!
لا يعلم الشيخ حسن نصر الله أن معبر رفح مفتوح للحالات الإنسانية واستقبال الجرحي. وأنه لا يمكن أن نخصصه لمرور السلاح والمتطوعين فهذا معناه إعلان الحرب.. يا شيخ حسن لقد حاربت مصر المعركة النظامية الكبري الوحيدة ضد إسرائيل التي انتصر فيها العرب.. وهناك فارق كبير بين دولة محاربة وميليشيا مختبئة تتخذ من اللبنانيين دروعاً بشرية.. تطلق صواريخ كاتيوشا من تحت الأرض.. نعم هذه مقاومة باسلة ضد الاجتياح الإسرائيلي للبنان.. لكن كم مقاتلا استشهد في صفوفك..؟ 25 أم 30 بطلاً.!! لكن المدنيين اللبنانيين مات منهم 1200 مدني وأصيب 3 آلاف بجراح أعجزتهم!
وكما قلت لك يا شيخ حسن تستطيع أن تأمر المهندسين العاملين عندك في تركيب شبكات التجسس داخل بيروت والتنصت علي مقار الوزراء والنواب لحساب إيران أن "يسرقوا" كابلاً تشاهد فيه التليفزيون المصري "خلسة" حتي لا يغضب سادتك في إيران لأن كل ما فيه كلمة "مصري" حرام!! شاهد وتعلم الخطاب السياسي من الزعيم حسني مبارك.. هناك فارق كبير بين سياسي يدير دولة.. ورجل يرأس مقاتلين.. الزعيم يكون مسئولاً عن مصير أمة وحفظها من كل سوء وعدم التضحية بها علي مذبح المجانين والمتشنجين والحشاشين الذين يتمنون أن يعم الخراب الذي تسببوا فيه للبلاد والعباد علي جميع الدول لنكون جميعاً في الهم شرق و حتي لا يتمني أحد استقراراً كالذي تعيشه مصر.. وحتي يكون الجميع سواسية في تواجد القوات الأجنبية علي أراضيهم سواء الدولية التي ترفع علم الأمم المتحدة أو الأمريكية الموجودة علي الشواطيء المواجهة لإيران ولية نعمتك وأمك الرءوم.
أنت يا شيخ حسن تفرح بالجثث وتصفق لمنظر دماء الضحايا.. تسعد بالقتل كما لو كنت "حانوتي" يهمه زيادة عدد القتلي لتروج بضاعته وتزدهر.. كلما زاد عدد القتلي اللبنانيين أو الفلسطينيين أو العراقيين أو حتي المصريين زادت نشوتك وأقنعت نفسك ومواليك أنك لست وحدك الذي تضحي بشعبك بدون طائل!! وإنما هناك دول وشعوب اقتدت بك وسارت خلفك تهتف وتنزف.. تموت وتصفق.. تتوقف عجلة الإنتاج فيها وهي سعيدة.. ترجع للخلف وهي تتصور أنها منطلقة للأمام.. حسناً يا شيخ حسن تريد أن تموت.. انقض علي مزارع شبعا اللبنانية التي يحتلها الإسرائيليون ويسبحون فيها ويلعبون الجولف واضربهم بصواريخك.. الاستشهاد علي بعد خطوات منك فحاول.
أما مصر يا شيخ حسن فهي دولة وأكررها لك لعاشر مرة.. والدول - خصوصاً الكبري منها - لا يستمع أبناؤها إلي تخاريف حشاشين أو "حانوتية".. الدول ترسم سياسات وتضع آليات لإنقاذ الشعوب.
لقد عرض الرئيس مبارك ضمن بنود المبادرة المصرية التي حملها ساركوزي دعوة لإسرائيل والفلسطينيين لاجتماع عاجل من أجل التوصل للترتيبات والضمانات الكفيلة بعدم تكرار التصعيد الراهن ومعالجة مسبباته بما في ذلك تأمين الحدود وإعادة فتح المعابر "كلها" ورفع الحصار.. كما تضمنت المبادرة المصرية دعوة كافة الفصائل الفلسطينية لتحقيق الوفاق باعتباره المطلب الرئيسي لتجاوز التحديات التي تواجه شعبهم وقضيتهم.
لقد طرحت مصر مبادرة بفتح المعابر لأنها دولة تعرف أن هناك قوانين ومعاهدات ومنظمات عالمية.. مصر تطرح رؤيتها ومبادرتها وفقاً للقانون الدولي وليس وفقاً لرؤية أحادية منفلتة.. مصر تعمل علي أن يكون فتح المعابر برعاية دولية ودائماً وليس كما تطلب أنت فتحه من خلال ضغط جماهيري ينجم عنه ضحايا واشتباك مع إسرائيل.. وهذا إن لم يؤد لحرب. فإنه علي أقل تقدير سيؤدي لاحتلال إسرائيلي دائم للمعابر وخنق الفلسطينيين.
التاريخ لا يمجد الانتحاريين
إن مسئولية مصر الأولي هي القضية الفلسطينية فلا تتاجر بها.. وقد هاجم الرئيس مبارك العدوان الإسرائيلي الغاشم بقوة في خطابه الذي ألقاه يوم الأربعاء 31 ديسمبر الماضي.. وكان الزعيم العربي الوحيد الذي قال لهم إن أيديكم ملطخة بالدماء.. حتي حليفكم الرئيس السوري لم يشجب العدوان إلا بعد 11 يوماً من وقوعه و "احتمي" في الرئيس ساركوزي وهو يدلي ببيانه الهزيل.
لقد أكد الرئيس مبارك في بيانه القوي الذي ألقاه قبل تسعة أيام أنه لابد من حقن الدماء الفلسطينية.. وإعادة فتح المعابر تخفيفاً للمعاناة.. وقال الرئيس إن مصر ستطرح هذه الرؤية مع شركائها الأوروبيين وخلال الاجتماع الوزاري للجامعة العربية.. وهو ما حدث.. فقد طرحت مصر رؤيتها بشأن فتح المعابر الدائم علي اجتماع الجامعة العربية ثم طرحه مبارك علي ساركوزي والرئيس التركي والوفد الأوروبي "الترويكا".. مصر تتكلم عن إعادة فتح المعابر بشكل دائم وأنت تتكلم فقط عن معبر رفح.. هذا هو الفارق مرة أخري بين الدولة وبين رئيس حركة مقاومة.. القاهرة تريد اتفاقية معابر دائمة وبرعاية دولية لتتيح للفلسطينيين التنقل والعلاج والعمل والحج ودخول المساعدات الإنسانية والسفر للخارج.. لكن أنت تتحدث فقط عن "رفح" لأنك تريد دخول سلاح منه إلي غزة وكذلك متطوعين.. مصر اختارت سلاماً مع إسرائيل بإجماع شعبي قبل 30 عاماً.. أما الحرب فهي مازالت سانحة أمامك فاغتنم الفرصة وحرر "شبعا" علي الأقل. بدلاً من التباكي علي معبر رفح وبدلاً من استغلال مأساة غزة لينجح حزبك في الانتخابات اللبنانية القادمة.
توقف عن التصرف كحانوتي يا شيخ حسن واستلهم روح الزعماء.. فكثير من قادة الدول الكبري كانوا ثواراً مثلك لكنهم أدركوا في التوقيت المناسب متي يتحولون إلي زعماء.. فهناك ماوتسي تونج وكاسترو وتيتو وهوشي منه ولومومبا ومانديلا.. وأعتقد أنك لن تحظي أبداً بهذه المكانة وستظل في نظر التاريخ "حانوتياً" بلا جدال..