الأخوة الأعزاء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طبتم وطاب مسعاكم في ابتغاء الخير والنفع في هذه الساحة. والله إن النفس لتأنس بطيب الحديث إليكم والسماع منكم.
أحبتي دارت معارك ونزاعات بل وحروب مابين معتد برأيه مؤيد ومتشدد لرأية معارض لتلك الجميلة التي غدت تتهادى في خيلاء في شوارع المحروسة .. تخطف أنظار من يرمقها.. فلو كنت مغامراً لأسرتك بجمالها ولألقيت بنفسك بين أحضانها دونما رادع .. يحدوك الأمل في نجاحها وانطلاقها لمستقبل واعد، وهذا ما وقع لمحدثكم من أول يوم عُرضت فيه هذه الجارية الجميلة في أسواق "نخاسة" السيارات.
أما إن افتقرت لروح المغامرة، تتردد وتطوف حولها على استحياء وتسترق السمع والبصر، ربما ترغب فيها ولكنك تتمنع، فتعرج على أهلها سائلاً عن أخبارها، علك تسمع ما يُرضيك ، بل إنك تنتقدها وتسبها وتعريها ، يدفعك لذلك خوفك من المجهول، وخوفك مما تعارف عليه الناس من عدم ثقة في صناعة " بني الأصفر".
وهكذا انقسم الناس بين مهاجم متشدد ومدافع مترصد .. نعم انقسم الناس بين الهجوم والصد وكل في فريقه يعمل بجد، فاختلطت الأمور وتلعثمت الكلمات في الصدور والكل بين فلك الحقيقة والوهم يدور.
ما دفعني لهذه التأملات و الفضفضة هو ما قرأته اليوم لزميلنا العزيز Sokasoon واحترمت رأيه ولم أغضب منه مطلقاً أكرر لم أغضب منه مطلقاً وليس من حقي أن أغضب منه، فله من الحرية ما يكفيه ليعرض رأيه ولنا من الحرية ما يكفينا لنعتقد مانشاء ولكني أردت أن أهمس في أذنه بأن آراءنا لابد وأن تكون نابعة من أفكارنا لا يملي أحد علينا شيئا ولا نتأثر بكلام أحد.
فالحكم الصحيح على الأمور يكون بالتجرد من أية مؤثرات خارجية ويكون بإعمال العقل ..
أعمم الكلام لمزيد من التوضيح، وأستأذنكم في الاسترسال بعض الشيئ:
أحبتي..
تجدون في توقيعي أسفل هذه المقالة كلمة هي من أجمل ما قرأت بحكم دراستي للأدب الفرنسي وهي " أنا أفكر .. إذاً أنا موجود" قالها أبُ من آباء الأدب والفلسفة العظام وهو أديب فرنسا العظيم ديكارت، بلا شك هي مقولة جميلة وسوف تلقى قبولاً لديكم ، ولكن هل تعلمون مغزاها ؟ - قد تقولون كما قال ويقول الكثيرون إن ديكارت أراد بمقولته الأشهر تلك التفرقة بين الإنسان والحيوان ؛ فالإنسان يُفكر أما الحيوان فلا.
أما أنا فلا أقول ذلك وإنما أقول أن الأديب الكبير وجه لنا دعوة متجددة للتفكير وإعمال العقل،
لقد ابتدع ديكارت منهاجاً جديداً للبحث والنقد الأدبي والفلسفي. يقوم مبدأه على حد قول طه حسين في كتابه "في الأدب الجاهلي" على ما يلي:
"أن يتجرد الباحث من كل شيء كان يعلمه من قبل، وأن يستقبل موضوع بحثه خالي الذهن مما قيل فيه خلوّا تاما".
مثلا، إن أردنا أن ندرس أفلاطون، يجب علينا أن نطهر أفكارنا وعقلنا من أقوال أرسطو ومن أقوال الفلاسفة الذين نقدوا أفلاطون ومن جميع ما تعلمناه حول أفلاطون وعلى الأخص أن نتجاوز المقدمات التي يضعها المترجمون وغيرهم في فاتحة ترجمات أعمال أفلاطون، فنمضي بفكر خالي نقي لنقرأ أفلاطون في مصادره الأصلية بعيدا عن كل ما من شأنه أن يبني فينا فكرة مسبقة أو حكما مسبقا على أفلاطون وأفكاره. في هذه الحالة، وفي هذه الحالة فقط، يمكن أن أقول بأنني أنا الذي أقرأ أفلاطون ولا أكون متأثرا بفكر شخص آخر.
أعتذر عن هذا الأسلوب الأدبي و الاستشهادات الأدبية إن لم تلق قبولاً من البعض
ولكني أردت التوضيح أن الإنسان بوجه عام في حالة قيامه بالحكم على شيء ما لابد وأن يتجرد من رأي الآخرين حتى يكن حكمه ورأيه نابعاً من ذاته معبراً عن نفسه