دخلت الأسبوع اللي فات فيلم 1000 مبروك. من أميز الأفلام الحديثة اللي شفتها بعد آسف على الإزعاج و ملاكي اسكندرية.

هو الفيلم آه مقتبس عن فيلم أمريكي بطولة بيل موراي، انما في رأيي ان الفكرة الأساسية بس هي اللي مقتبسة، انما محتوى الفيلم و الرسالة اللي بيحاول يوصلها مختلفة إلى حد كبير.

طبعا مش هاحكي الفيلم بس هاقول اللي لفت نظري فيه أوي و خلاني فعلا نفسي أشوفه تاني. يمكن أكتر حاجة طلعت بيها من الفيلم هو ان الواحد هايموت هايموت.. زي ما بطل الفيلم كان عارف انه هايموت في اليوم ده، احنا برضه كلنا عارفين اننا هانموت، بس الفرق اننا مش عارفين هانموت امتى. فطالما اننا في الآخر هانموت فليه ما نموتش موتة محترمة؟ ليه ما نموتش فدا حد عزيز علينا و أفضاله و حقوقه علينا كتير؟ ليه أموت و اتنسي لما ممكن أموت و انا سايب أثر و فارق مع الناس؟

عجبني جدا برضه لما البطل حب إنه يغير الواقع بالعنف و الانتقام فكانت النتائج كلها سلبية و فضل كل يوم يموت.. ماهو لازم كل يوم ينتهي بموته كرمز لإن ما استحق ان يولد من عاش لنفسه فقط، انما لما بدأ هو بنفسه يغير في نفسه و يفكر شوية في اللي حواليه و إنه يعمل حاجة عشانهم و يهتم بيهم بدأ يحس انه بني آدم. هو آه في الآخر برضه مات، بس هانرجع تاني لنقطة مات ازاي؟ و اننا كلنا هانموت بس هانموت و عاملين فرق في حياة الناس؟ و لا هانموت بعد ما عشنا لنفسنا بس.

و كمان حتة اننا نقدر نغير الواقع بس مستحيل نغير القدر أو المكتوب دي مهمة جددددددددددا، و دي وضحت لما كان البطل بيموت كل يوم في نفس الساعة و الدقيقة و الثانية.. حتى لما حاول انه ينقذ الراجل اللي العربية خبطته و يسعفه بسرعة عشان ما يموتش برضه مات، أصل لحظة موت الإنسان دي متحددة بالدقيقة و الثانية في اللوح المحفوظ و مهما عملنا مش هانقدر نغيرها.. انما نقدر نغير نفسنا و بالتالي الواقع هايتغير. البطل كمان كان عنده سوء ظن باللي حواليه و كل اللي يهمه نفسه و بس، حتى لما اكتشف ان مامته مدمنة - و اللي طلع غير صحيح بالمرة - كان خايف بس من الفضيحة، و بالمثل لما عرف ان والده مختلس - و برضه طلع مش صحيح - كان خوفه كله من نفس النقطة، و لما لقى والده تعبان بدل ما يجري عليه و يخاف عليه كان خايف ع الفرح لا يبوظ. الرسالة اللي وصلتني من هنا ان طول ما انت متمركز حوالين نفسك و الدنيا باللي فيها بيدوروا حواليك فعمرك ما هاتقدر تحس بيهم أو تشوف الصورة على حقيقتها.

كمان نقطة انه بيعمل نفس الحاجة هي هي كل يوم بنفس طقوسها و كل يوم بيتأخر في الحمام و والده بيلح عليه انه يخرج و هو مطنش و بيشتكي من تكرار نفس كلام والده و بيردده معاه و مكتفي بالشكوى من غير ما يحاول يغير من نفسه.. طيب ماهو طبيعي ان نفس الكلام يتكرر ما دمت حضرتك مصر تعمل نفس الأخطاء او الحركات المستفذة هي هي من غير ما تحاول تغيرها. و بعدين ماهي حياتك الروتينية تماما اللي بتتكرر تفاصيلها بحذافيرها يوميا من غير أي تغيير أو محاولة المجازفة أو المخاطرة بالتغيير هي اللي مخلياك ما تشوفش الأحداث اللي ممكن تغير لك نظرتك للأمور و للي حواليك. مثال على كده انه لما لقى نفسه كل يوم بينتهي بموته حاول يغير من طقوسه عشان ما يموتش.. و لما غير شوية في روتينية اليوم شاف أخته و هي بتتشات مع صاحبه و سمعها و هي بتقول له مستحيل احمد يخرج من الحمام دلوقتي، اصله بيطول في الحمام أوي. و برضه لما قضى يوم في البيت من غير ما يخرج سمع مكالمة والده مع زميله في الشغل و في يوم تاني شاف والدته و هي رايحة وكر المدمنين. شاف كل ده و عرفه، انما انشغاله بنفسه خلته يثور على اللي عرفه من غير ما يحاول يفهم و يسأل و يصلح.

طبعا محدش ضد ان الإنسان يبقى له طقوس يومية بيحرص عليها، انما انها تتكرر كل يوم بحذافيرها من غير ما يفكر يغير أي تفصيلة فيها و لا إنه يقدم على محاولة التغيير فده هو اللي بيخلي الإنسان يموت و هو عايش. و ده اللي رمز ليه الكاتب بالعرض اللي كان بيعملها مدير أحمد عنه و انه ازاي بيفضل إنه على طول يمشي جنب الحيط و انه عمره ما جازف و دلوقتي مرتبه ضعف مرتب أحمد 4 مرات. و احمد نفسه اعترف بكده في آخر الفيلم لما دخل على مديره أثناء العرض ده و الناس قاعدة و قال انه عمره ما حب انه يخاطر أو يجازف و عشان كده تجنب شغل البورصة خالص و فضل انه يكون في الحسابات.

اللي لاحظته على أحداث الفيلم انها مرت مع بطل الفيلم "أحمد" بمراحل تصاعدية من السلبية و الغفلة التامة للصحوة و اكتشاف الذات و مر من خلال المراحل دي بحالات عدم استيعاب او فهم للي بيحصل له، و بعدين إكتشاف حاجات عن أهله بانت له ساعتها على إنها حقائق، و بعدين مرحلة الثورة على كل حاجة و محاولة تغيير كل اللي حواليه بالعنف و الانتقام - مع عدم قدرته على المواجهة بدليل انه بلغ عن وكر بيع المخدرات من موبايل مديره في الشغل و التصرف ده بيحوي في داخله برضه الرغبة في الأذى و الانتقام. و بعدين مرت عليه مرحلة اكتشاف حقائق الأحداث اللي كان بيشوفها، إلى ان وصل لمرحلة اكتشاف نفسه و الاعتراف بإن كل حاجة بتحصل حواليه مش عاجباه هو له دور أساسي في تغييرها و لو حتى بالتفاعل مع الناس اللي حواليه و مشاركتهم أفراحهم و أحزانهم، و من هنا بدأ انه يغير في نفسه.

فكرة الفيلم مقتبسة من فيلم أجنبي، ده صحيح، انما ده في رأيي أنضف تمصير لفيلم أجنبي شفته. هي الفكرة الأساسية هي اللي مقتبسة، إنما باقي تفاصيل الفيلم فبتاخدك بعيد عن النسخة الأمريكي، خصوصا في تفاصيل علاقة "احمد" بعائلته و اللي هي بتمثل مشكلة كبيرة تقريبا في جميع فئات الشعب المصري و بتاخد المشاهد تلقائيا لإنه يسأل نفسه: و انا عامل مع أهلي ايه؟ و عايش لنفسي بس زي أحمد و لا بادي من وقتي لأهلي؟ يمكن الفيلم ده من الأفلام المصرية اللي تتعد على أصابع اليد الواحدة اللي بتخليك خارج من السينما عايز تبقى حد كويس او تبقى حد أحسن أو تعيد نظر في نفسك و علاقتك بالناس و تحاول انك تقيم تصرفاتك من الأول.

أحمد حلمي طبعا في الفيلم ده أرفع له القبعة لحد ما إيدي توجعني. نضج.. تمكن من أدواته في الشخصية و ماسك بكل خيوطها بثقة.. الأداء السهل الممتنع.. تقريبا مافيش مشهد في الفيلم مافيهوش احمد حلمي.. انما ما تحسش لحظة انك زهقت منه أو هو مافيش غير الراجل ده في الفيلم و لا ايه أو أي حاجة من هاذوها القبيل. كل الفيلم وجوه جديدة إلا احمد حلمي، و برضه ما تحسش انه النجم الأوحد اللي مافيش منه و ما حصلش و كل الكون بيدور حواليه. يحسب لأحمد حلمي انه بدأ يغير جلده و واخد الخط الجاد بقاله فيلمين تقريبا و لو إنه تفوق على نفسه في 1000 مبروك بكم الدروس اللي المشاهد بيخرج منها بعد الفيلم ده، و يمكن محاولة تغيير جلده من الكوميدي للجاد يعتبر مجازفة هو بيدعو ليها من خلال الفيلم و بيحذر قولا و فعلا من القولبة و النمطية و الخوف و المشي جنب الحيط.

الإخراج برضه عجبني أوي و جرأة التصوير الخارجي واضحة جدا، حوالي 80% أو أكثر من مشاهد الفيلم خارجي، و ده تفاني و جدية في عرض الفيلم تحسب للمخرج و المؤلف جدا.

الانتاج كان برضه بطل من أبطال العمل ده، ده كفاية التصوير الخارجي و تكاليفه و لا العربية اللانسر اللي اتكسرت دي، أو العربيتين بأه مش عارفة، أصل واحدة خبطت الراجل العجوز اللي اتنطر على البربيز بتاع العربية و إزازها أتكسر و التانية احمد حلمي كسرها بعصاية البيسبول. بس طلعت جامدة اللانسر على فكرة


و مش اللانسر بس، ده كمان الميجان بتاعته اتكسرت في الحادثة اللي في آخر مشهد في الفيلم.

من الحاجات برضه اللي عجبني في الفيلم هي نهايته غير التقليدية المعروفة عن الأفلام العربية و هي النهاية السعيدة.. كله بأه كويس و كلهم حبوا بعض و بأوا حلوين و البطل اتجوز البطلة. يمكن تكون النهاية صادمة للبعض، انما يا جماعة ماهي الحياة كده فيها حاجات كتير صادمة.. ماهو الموت حقيقة في حياتنا، و يمكن يكون الحقيقة الوحيدة كمان و كلنا هانموت، فليه الفيلم فعلا ما يجيبش واقع من الحياة احنا عايشينه؟

معلش انا طولت شويتين في تحليل الفيلم، بس بصراحة فيلم بهذا الكم من المعاني الإيجابية صعب يتكرر في تاريخ السينما أكتر من مرة، و بصراحة هو يستاهل الكتابة عنه أكتر من كده كمان، بس كفاية عليكوا كده

حاجة أخيرة بأه.. انا في الفيلم ده كرهت الزغاريط