ليه مرايه الحب عمياء؟

الأساطير الإغريقية بتقول "إن في قديم الزمان، حيث لم يكن على
الأرض بشر بعد، كانت الفضائل والرذائل تطوف العالم معا وتشعر
بالملل الشديد. وذات يوم وكحل لمشكلة الملل المستعصية، اقترح
الإبداع" لعب الأستغماية، وصرخ "الجنون": "أريد أن أبدأ.. أريد
أن أبدأ.. أنا من سيغمض عينيى
وبدأ العدّ واحد... اثنين.... ثلاثة

وبدأت الفضائل والرذائل بالاختباء. ذهبت الرقة فوق القمر، وأخفت
الخيانة نفسها في كومة زبالة. وذهب الولع واختبأ بين الغيوم.ومضى
الشوق إلى باطن الأرض والكذب قال بصوت عالِ. "سأخفي نفسي تحت الحجارة"، ثم توجه لقاع البحيرة.

أتمت كل الفضائل والرذائل تخفيها... ما عدا الحب كعادته.. لم يكن
صاحب قرار.. فلم يقرر أين يختفي. وعندما وصل الجنون في تعداده إلى
مائة.. قفز الحب وسط حديقة من الورد.. واختفى بداخلها.. فتح الجنون عينيه.. وبدأ البحث صائحا "أنا آتٍ إليكم.... أنا آتٍ إليكم...

كان الكسل أول من انكشف... لأنه لم يبذل أي جهد في إخفاء نفسه..
ثم ظهرت الرقّة المختفية في القمر... وبعدها خرج الكذب من قاع
البحيرة مقطوع النفس..!! وأشار على الشوق أن يرجع من باطن الأرض..
وجدهم الجنون جميعا.. واحدا بعد الآخر.... ماعدا الحب.. كاد يصاب بالإحباط واليأس إلى أن اقترب منه الحسد وهمس في أذنه: "الحب مختفٍ في شجيرة الورد

التقط الجنون شوكة خشبية أشبه بالرمح.. وبدأ في طعن شجيرة الورد
بشكل طائش ليخرج منها الحب .ولم يتوقف إلا عندما سمع صوت بكاء يمزق القلوب... ظهر الحب.. وهو يحجب عينيه بيديه.. والدم يقطر من بين أصابعه.. صاح الجنون نادما "يا إلهي ماذا فعلت؟.. ماذا أفعل كي أصلح غلطتي بعد أن أفقدتك البصر؟



أجابه الحب"لن تستطيع إعادة النظر إلي... لكن لازال هناك ما تستطيع فعله لأجلي... كن دليلي
وهذا ما حصل من يومها.... يمضي الحب الأعمى... يقوده الجنون

دي الأسطورة الإغريقية المعروفة

دائما يقولون مراية الحب عمياء!! هكذا قال المثل العربي.. وحديثا ثبت علمياً صحة هذا المثل.. ففي دراسة ايطالية حديثة اجريت علي عينة ضمت "25" رجلاً و"25" سيدة غرقانين لشوشتهم في الحب ورغم أن السيدات اللاتي اجريت عليهن الدراسة منهن خمس في منتهي الدمامة؟! منهن اثنتان تريان بعين واحدة "عور"!!
ومع ذلك لم ير المحبون عيوباً لأن المناطق المسئولة عن التفكير النقدي والتعتيم السلبي في المخ تتوقف عن العمل عند النظر لوجه الحبيب فيراه جميلا!! فحالة الحب تؤدي إلي زيادة افراز هرمون التيستيرون لدي المرأة وتخفضه لدي الرجل لذلك تتحول تصرفات المرأة إلي الرجولة وتصرفات الرجال إلي الأنوثة ويثبت العلم أن الطبيعة تتآلف مع حالات الحب والمحبين فكلاهما يكمل الآخر في وقت الغرام وهو نفس الشيء الذي يحدث مع الأمهات عندما يتطلعن إلي اطفالهن فطبيعة نشاط مخ المحبين تتشابه كثيرا مع مخ الأمهات وكما يقول المثل "القرد في عين امه غزال!!".

أكدت ذلك أيضاً دراسة لباحثين بريطانيين في "بونيفرستي كولرج" في لندن والذين أكدوا في بحث لهم أنه بالفعل توجد مناطق في المخ تتوقف عن العمل عند التطلع إلي المحبوب موضحين أن هذه المناطق مسئولة عن التقديرات السلبية.. وقال الباحثون في دراساتهم انه باجراء مسح بالأشعة لمخ امهات شابات تبين أنها تنشط عندما يتطلعن لاطفالهن الرضع بنفس طريق نشاطها عند التعلق إلي صور احبائهن من الرجال مؤكدين أن المنطقة المسئولة عن التفكير النقدي في المخ تتوقف عن العمل في هذا الوقت وقال "اندرياسن بارتليز" المسئول عن فريق البحث أن كلا من الحب الرومانسي وعاطفة الأمومة يتفقان علي صحة المثل العربي.. بأن مراية الحب عمياء!! كما اجريت دراسة لفريق من الباحثين الامريكيين تبين ان 59% من النساء و54% من الرجال يأملون في تعديل بعض قسمات وجه شريك الحياة.. وهذه النتيجة تكذب مقولة أن الحب لا يبصر "اعمي"!! وانه لا يري سوي محاسن النصف الآخر ويتجاوز عن العيوب.

ولكن نعود إلي أن العلم قد اثبت بالفعل من خلال دراسات وأبحاث حديثة نشرتها مجلة "ناشيونال جيوجرافيك" والتي يؤكد رئيس التحرير "كريس جونز" أن الصورة الكيميائية التي يحملها مخ اولئك الذين يعيشون تجربة حب رومانسي هي صورة مماثلة لتلك التي يحملها مرضي الوسواس القهري لرؤية ما يحبونه بصورة جميلة!! وهذا ما يؤكده أن مراية الحب عمياء بالفعل!!
وتشيرد. نادية رضوان استاذ علم الاجتماع بجامعة قناة السويس إلي أن صحة هذا المثل وان كانت واردة إلا أن الانطباع الأول حتي ولو لم يكن حقيقياً.. مضلل فإنه يسيطر علي عقل الشخص ولكن مع التواصل والتعامل والقرب ينكشف للمحبوب ما تحت القناع "وهذا العمق" بالتقارب والتكامل قد يجعل المحبوب مستمراً علي الصورة التي رأي عليها حبيبه كالمثل القائل "مراية الحب عمياء" أو قد تتغير!!
منقول