الذين يطرحون العلمانية كبديل يحقق نهضة الأمة العربية والإسلامية : هؤلاء يتخيلون أنهم اكتشفوا معجزة الخلاص لأمتنا .. لأن الغرب تخلص من أزماته بفضل العلمانية في عصوره الوسيطة المظلمة التي تحجر فيها العقل في إطار بعض الأنسقة الكنسية.
وقد اعترض الغربي وتمرد على الكنيسة وصلفها باسم العلمانية بمعنى علمنة التعليم والحياة واستبعاد الكنيسة من ممارسة السلطة السياسية والإدارية. فألف عام أو ما يزيد من عصور عانى الفكر والعقل الغربي فيها من الظلمات أدت إلى طرح العلمانية كبديل.
أما بالنسبة لنا فألف عام أو يزيد من عصور الإشراق وحركة الفكر والعقل علوماًُ وفنوناً وعمراناً من مشارف الصين إلى أعماق أوروبا ..مروراً ببغداد ودمشق والقاهرة وفاس وأشبيلية وقرطبة في ظل الإسلام وتفتحه وعطائه، مدّ الأرض وشكل التاريخ ووحد اللسان وعبأ الوجدان .. هذه مقومات القومية الحقة التى نتمحور حولها كعقيدة وانتماء وكيان ... وتتحزم بالعروبة إطاراً ولساناً.. فهؤلاء يريدونها علمانية باسم التقليد وبهدف التعتيم والغموض ونحن نريدها إسلامية باسم الالتزام والتاريخ وبهدف الإشراق والتأصيل.
هؤلاء يريدون إنقاذنا ببقايا موائد تجارب الغرب بالفتات وافتعال الإشكاليات تاركة جوهر ما حقق الغرب، من تقدم علمي مكثف.
وأخذنا هذا الفتات لنضيف إلى همومنا المزمنة هموم الدخيل ثم هموم ما افتعلناه.. وأصبح لدينا إشكاليات أساسية نابعة من واقعنا بفقره وجهله ومرضه وإشكاليات مفتعلة داخلية تمتص جانباً كبيراً من قدراتنا الجسدية والفكرية، وتعلقنا بالهوامش والفروع وتركنا الجذور والأصول وغرقنا في مشاكل حلول المشاكل، فتعددت الحلول الواهية ليصبح الحل هو غياب الحل.. فهذه هي العلمانية التى طرحوها كبديل لحل مشاكلنا.
نقلا عن السيد الأستاذ الدكتور / رشدي فكـــار رحمه الله عليه