اقتراحات مفيدة من أسامة هيكل في المصري اليوم

اقتراحات أهم من المثلث العاكس

بقلم أسامة هيكل ٢٤/٥/٢٠٠٨أتحدي أن يستطيع مجلس الشعب المصري ـ رئيساً وأعضاء ـ إضافة هذه الاقتراحات بمواد علي تعديلات قانون المرور الجديد.
١ ـ يتم تطبيق كل مواد هذا القانون علي جميع أبناء الشعب المصري، دون أي استثناء لأي فئة، أو لأي سلطة من سلطات الدولة. وتسري البنود الواردة في هذا القانون علي جميع السيارات الحكومية والشرطة.. وتلغي جميع النصوص القانونية السابقة التي تخالف ذلك.
٢ ـ يعاقب بالحبس، مدة لا تقل عن ٦ شهور ولا تزيد علي ٣ أعوام، ويعزل من وظيفته، كل ضابط أو صف أو جندي بإدارة المرور يثبت تورطه في تقاضي أو طلب مبالغ مالية أو هدايا عينية علي سبيل الرشوة، لمنع تحرير مخالفات، أو تعطيل بنود هذا القانون بأي طريقة من الطرق.
٣ ـ يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ٦ شهور ولا تزيد علي عام كل مسؤول من مسؤولي المرور، يستخدم السلطات الممنوحة له من الدولة بغير الشكل الذي فرضه القانون، أو تجاوز عن تطبيق العقوبات الواردة ببنوده لأي سبب من الأسباب.
٤ ـ تلتزم السلطات المسؤولة عن تطبيق هذا القانون بإقرار مبدأ المصالحة في حالات الحوادث التي لا ينتج عنها وفيات أو إصابات، وذلك بتحديد المتسبب في الضرر، وإلزامه بسداد قيمة التلفيات كاملة للمتضرر أو للمتضررين، ووفق محضر رسمي في نيابة المرور.
٥ ـ لا يجوز تحرير مخالفة إلا عن طريق ضابط المرور المختص لضمان دقة تحريرها.. ويحق للمواطن طلب تحقيق الشخصية الرسمي من محرر المخالفة.. وتعتبر المخالفة لاغية في حالة رفض محرر المخالفة الكشف عن هويته.
< وهذه البنود الخمسة لو تضمنها مشروع القانون، سيكون المجلس قد نجح في إبعاد الشبهات عن نفسه أولاً، وعن المشروع ثانيا.. وسوف تمثل ضمانا نزيها وأمينا لضمان تطبيق القانون وعدم الخروج عن نصوصه، وتخلق نوعا من التوازن في المشروع الحالي غير المتزن بالمرة.
وقد قرأت ودرست بدقة وبعناية مشروع القانون الذي قدمته الحكومة، وقامت لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس الشوري بإضافة بعض التعديلات عليها.. وأستطيع القول، بضمير مرتاح للغاية، إن التعديلات المقترحة ليس لها علاقة علي الإطلاق بالحالة المزرية والمهينة التي أصبح عليها حال المرور في مصر.. كما أثق تماما في أنها لن تغير من الأمر الحالي شيئا،
ولا حتي تضمن بقاء الحال علي ماهو عليه دون أن يزداد سوءاً فوق سوء.. فالمشروع لم ترد به أي إشارة لحق المواطن الدستوري في المرور.. ولا يفرض أي واجب علي الحكومة تجاه المواطن، وكلها أفكار جهنمية لتغليظ العقوبات علي أفراد الشعب بصورة مبالغ فيها جدا،
وبهدف وحيد واضح، هو تنمية موارد الدولة عن طريق جيب المواطن.. وهو مشروع ضمن حزمة مشروعات تسيرها الحكومة بسرعة الصاروخ في نفس الاتجاه، مستخدمة المجلس، مثل قرارات زيادة الأسعار الأخيرة، ومشروع الضريبة العقارية.. وهذا المشروع الخاص بالمرور سيرفع قيمة المخالفات المالية التي تتحصل عليها الدولة ٥ أضعاف حصيلتها الحالية علي الأقل، دون أي ضمان حكومي بتحسين الخدمة المرورية.
والمشروع مثلا يرفع حد عقوبة حزام الأمان واستخدام المحمول من ٥٠ جنيها إلي ١٥٠ جنيها كحد أدني و٣٠٠ كحد أقصي.. وتتضاعف الغرامة علي سائق السيارة في حالة عدم ربط الجالس بجواره الحزام.. كما اخترعت الحكومة الذكية مخالفة جديدة في نفس فئة العقوبة المالية بالمادة المقترحة ٧٤ مكرر، وهي عدم وجود مثلث عاكس للضوء في السيارة، وهذا الاختراع المذهل هو ما كان يحتاجه المرور في مصر فعلا!!
ياناس.. هذا كله كلام فارغ، قد نقبله علي الطرق السريعة، ولكنه مرفوض تماما داخل المدن مالم تقدم لنا الحكومة حلولا حقيقية ناجعة لهذا التكدس المروري المتزايد بها..
وطبعا السادة أصحاب المعالي أعضاء الحكومة، والسادة أصحاب الحصانة البرلمانية والقضائية لا يدفعون مخالفات.. وبالتالي لا يهمهم إن تغلظت العقوبات أم تخففت.. ولو كان لدي نواب المجلس أي نسبة من وعي وإحساس بالمواطن لدرسوا مشكلة المرور، وحللوها، قبل أن يوافقوا علي التعديلات التي تلقيها إليهم الحكومة واثقة أنها سترتد لها في صورة قانون.. فلو فكروا في مسؤولياتهم أمام الله وأمام الشعب لامتنعوا عن تمرير هذا المشروع بصورته الحالية، والبصم عليه بالأمر المباشر بواسطة هذه الأغلبية المريحة جدا للحكومة، والمرهقة جدا للشعب.
أمام النواب في مجلس الشعب فرصة نادرة أخيرة لتحسين صورتهم أمام الشعب المصري المختنق، برفض هذا المشروع الغاشم والظالم والمستبد بصورته الحالية.. أو علي الأقل يطالبون بإضافة هذه التعديلات الخمسة التي اقترحتها في بداية المقال.. وهي بالمناسبة معمول بها في الدول الأوروبية التي يتشدق المسؤولون بقوانينها كلما أرادوا فبركة قانون.. وكلي ثقة أن النواب لن يفعلوا هذا ولا ذاك، وأنهم سيرفعون أيديهم بالموافقة عليه دون تفكير.