لا تستفز شخصًا يئس من العدالة.. لا تستفز شخصًا تنطبق عليه قواعد ماجنوتن أو يظهر رسم مخه موجات غير طبيعية.. لا تستفز شخصًا يعتقد أنه فوق القانون وأنه قادر علي عمل ما يريد بلا حساب.
يبقى أحنا بنتكلم عن أغلب المصريين
رقم العضوية : 3129
تاريخ التسجيل : 12Nov2007
المشاركات : 529
النوع : ذكر
الاقامة : Victoria Island
السيارة: why this field is mandatory ??
السيارة[2]: ميتسوبيشي لانسر
الحالة :
عن الاستفزاز وماجنوتن.. وأشياء من هذا القبيل
د. أحمد خالد توفيق
الليل حار رطب، والبعوض يحوم حولك ثم يلتصق بالعرق فيموت غرقًا، بينما المحاسب سهران حتي هذه الساعة المتأخرة يجمع مصفوفة طويلة من الأرقام.. كلما قارب النهاية أخطأ فعاد يبدأ من الأول، والسبب هو ذلك النفير اللعين.. نفير سيارة تحت نافذته لا يتوقف لحظة. خرج أكثر من مرة وصاح طالبًا من سائق السيارة أن يكف بالله عليه، فلديه الكثير من العمل الذي يجب أن يسلمه صباح غد.. توسل.. هدد.. تكلم بالعقل.. لكن سائق السيارة - وهو فتي متأنق سمج يلمع شعره بالفازلين - ينظر له ثم يضغط علي النفير أكثر ويضحك.
هنا تأتي اللحظة.. يثب المحاسب إلي مكتبه فيلتقط مزهرية ثقيلة ضخمة، ومن دون أن يعرف ما يفعله يقذف بها بأقصي قوة نحو رأس الفتي الواقف جوار سيارته.. طبعًا لتتحول رأس الفتي إلي كتلة دموية ويموت فورًا.. يتهاوي المحاسب علي ركبتيه دامعًا نادمًا.تبدأ محاكمة القاتل، وبما أننا في بلدة أمريكية فهم يعملون بنظام المحلفين الذين يجتمعون في فندق لا يخرجون منه ويقضون وقتهم في مناقشة وقائع القضية. يأتي يوم النطق بالحكم فينتظر المحاسب في رعب معرفة مصيره.. يقول رئيس المحلفين المرهق منتفخ العينين: «لقد توصلنا إلي أن المتهم ليس مذنبًا!».براءة.. يغادر المحاسب المحكمة وسط التهاني، ويبحث عن زوجته طويلاً لأنه كان يتوقع أنها تنتظره.. في النهاية تلحق به بالسيارة وتعتذر له بشدة.. كان عليها أن تستبدل بطارية السيارة التي نفدت. ولماذا نفدت؟.. تقول في خبث: «ظللت طيلة الليل أدق النفير تحت نافذة الفندق الذي يسهر فيه المحلفون لاتخاذ قرارهم!»
هذه القصة الجميلة أوردها (هتشكوك) في مجموعات مختاراته، وهي تلخص كل شيء.. أحيانًا يبلغ الاستفزاز درجة لا يمكن تصورها إلا بمعايشتها، وكما يقول المثل الشعبي علي لسان المسمار: «لو كنت تعرف الدق اللي علي راسي كنت عذرتني».
ما مناسبة هذا الكلام؟.. المناسبة هي أننا نعيش في موسم عجيب من الذبح والتمزيق، حتي صارت جملة «قطع قصبتها الهوائية وحنجرتها» عادية جدًا وربما مملة كذلك. عندما يرتكب رجل أعمال من الجدد جريمة، فإن عنده خلفية نفسية مناسبة من اقتناص الفرص والشراسة والتحايل والأنانية المطلقة والشخصية الفمية التي لا تقبل الخسارة بأي شكل، ويمكن بسهولة فهم هذا النمط الذي يحرق ما لا يقدر علي امتلاكه من منطلق (أنا مليونير.. هذا هو ديني). دعك من أن البهدلة علي صفحات الصحف قد تروق لهؤلاء لأنها نوع من الدعاية المحببة.
اللغز الحقيقي هو قصة أستاذ الطب الذي قتل تاجر الأدوات الكهربية. هنا فيلم رعب آخر يتضمن رأسًا محروقًا وأطرافًا مبتورة بالمنشار وطلقات رصاص... إلخ. هذا أستاذ طب ناجح، وله ثلاث عيادات بمصر الجديدة وشارع عبد الخالق ثروت والمهندسين، ومن ردود الكثيرين من طلابه علي الإنترنت واضح أنه معلم فاضل وأنه لم يبخل بعلمه الغزير في الغدد الصُمّ علي أجيال من الطلبة.
يعرف كل من يعمل بالسلك الجامعي أنه مرغم أحيانًا علي ابتلاع غضبه، وقد يتجاهل حقوقه عمدًا، لأن الصراع حتي لو كان الحق في جانبك يمزق ثيابك ويبعثر الغبار من حولك، فلا تبقي سوي البهدلة وأن يراك الناس في وضع مهين.. لعلك تفضل الظلم علي البهدلة. فما هو مدي الاستفزاز الذي أوصله له القتيل حتي فعل ما فعل مضحيًا بسمعته الحميدة وحريته وثروته وربما حياته ذاتها؟. الجواب ببساطة هو أن بطء إجراءات التقاضي وألعاب بعض المحامين التي تجعل (الحق علي المقتول)، وازدهار قيم البلطجة وعدم احترام القانون.. كل هذه العوامل تجعلك تعرف يقينًا أنك لن تظفر بحقك.. قد تظفر بحكم لكنك لن تستطيع تنفيذه. ما أكثر قضايا الشيكات بدون رصيد، وما أكثر أحكام التمكين من عقار التي لا يتم تنفيذها لألف سبب.. يكتشف الناس في النهاية أن عليهم الذهاب لقهوة شيحة حيث يجلس البلطجي (حسن سنجة) مع رجاله.. هؤلاء هم القانون.عرف الطبيب الكبير أنه لن ينال حقه بالقانون أبدًا، ولا شك أن المشادة كانت عنيفة وأن الكهربائي القتيل أهانه بشدة وعنف. هنا يتوقف العقل الواعي ليتولي ما تحت قشرة المخ السيطرة، وتمتد اليد الغاضبة نحو المسدس.. وينتهي فصل كامل من حياة رجل محترم. أعرف كثيرين حاولوا الحصول علي حقوقهم بشكل متحضر وعندما فشلوا بدت فكرة البلطجة غير ممجوجة إلي هذا الحد. لي صديق أستاذ جامعي يقف حشد من المراهقين تحت شرفة بناته يتبادلون السباب البذيء كل ليلة، وفشل تمامًا في منعهم، وقد نصحه ضابط الشرطة بأن يستأجر لهم بعض البلطجية!.. هذا الصديق بدأ يفكر جديًا في بعض الأفكار التي تبدأ بماء النار وتنتهي بإلقاء البنزين مع عود ثقاب مشتعل عليهم!. لو ظهر غدًا في صفحة الحوادث فلن أندهش كثيرًا.
ليس هذا الكلام مبررًا لأن ينفذ المرء القانون بيده طبعًا، لكن المعادلة الكيميائية معقدة جدًا وتتضمن عدة عوامل، منها درجة الاستفزاز ومنها الاستعداد النفسي.. أعتقد أن من يقتل يحمل استعدادًا نفسيًا معينًا في خلايا عقله، وهذا الاستعداد يعلن عن نفسه في ظروف خاصة.
لقد قضي فقيد الطب النفسي والأديب الموهوب د. (عادل صادق) ثلاث سنوات بين ليمان أبي زعبل وسجن القناطر يفحص فيها مرتكبي جرائم القتل، وقد تبين له أن 60% من القتلة لديهم موجات دماغية غير طبيعية، وبعضهم يعاني الشيزوفرنيا (الفصام) مما يؤدي لتبلدهم الوجداني، وبعضهم يعاني تدنيًا مروعًا في الذكاء، وبعضهم شخصيات سيكوباتية ولدت شريرة وستظل كذلك مهما عوقبت (حتي بصمات أصابعها مختلفة). هكذا آمن د. عادل صادق أنه لو تم فحص كل قاتل بعناية من قبل طبيب نفسي، فإن نسبة 70% منهم سيودعون في المصحات بدلاً من إعدامهم.هل تعرف (دانييل ماجنوتون)؟.. هذا قاتل بريطاني حاول اغتيال رئيس الوزراء لكن رصاصته أخطأت هدفها وقتلت سكرتيره. استطاع محامي الرجل أن يثبت أنه كان مصابًا بالبارانويا وقد اعتقد أن رئيس الوزراء يريد قتله لذا قرر أن يقتله أولاً. تمت تبرئة الرجل وأودع مصحة عقلية مدي الحياة، لكن اسمه صار مصدر (قواعد ماجنوتن) أو (مجناتن) التي تطبق في بلدان عدة بالعالم. تقضي هذه القواعد بافتراض أن كل إنسان مسئول عن أفعاله إلي أن يتضح العكس، ولكي يمكن الدفاع عن المتهم باضطراب حالته العقلية، فإن علي الدفاع أن يثبت أن المتهم لم يكن يعرف ما يفعله، أو هو عرف لكنه لم يدرك أن هذا خطأ. هناك مثالان مشهوران في القانون البريطاني لكون القاتل لا يعرف ما يفعله: أن يذبح امرأة معتقدًا أنه يقطع رغيف خبز.. يقطع رأس رجل نائم كي يتسلي بمشاهدة الرجل يبحث عن رأسه عندما يصحو. ليس الإقرار بالجنون فرارًا مريحًا في الدول التي لا تنفذ عقوبة الإعدام كما نتصور، لأن معني الجنون أن يمضي المريض باقي عمره في المصحة، بينما الإدانة تعني أن يقضي خمسة عشر عامًا في السجن لا أكثر!
الخلاصة: لا تستفز شخصًا يئس من العدالة.. لا تستفز شخصًا تنطبق عليه قواعد ماجنوتن أو يظهر رسم مخه موجات غير طبيعية.. لا تستفز شخصًا يعتقد أنه فوق القانون وأنه قادر علي عمل ما يريد بلا حساب.
محمد عيسى
دعوة دروب بوكس
رقم العضوية : 2452
تاريخ التسجيل : 04Oct2007
المشاركات : 8,022
النوع : ذكر
الاقامة : ج ع ع .... للآسف الشديد
السيارة: Proton Gen2 ...2007
السيارة[2]: Proton Gen2 ...2007
دراجة بخارية: لا يوجد
الحالة :
لا تستفز شخصًا يئس من العدالة.. لا تستفز شخصًا تنطبق عليه قواعد ماجنوتن أو يظهر رسم مخه موجات غير طبيعية.. لا تستفز شخصًا يعتقد أنه فوق القانون وأنه قادر علي عمل ما يريد بلا حساب.
يبقى أحنا بنتكلم عن أغلب المصريين
[img2]http://i59.tinypic.com/2vxpukz.jpg[/img2]
رقم العضوية : 20705
تاريخ التسجيل : 01Oct2008
المشاركات : 899
النوع : انثى
الاقامة : ismailia
السيارة: shahin
السيارة[2]: maruti
الحالة :
المفضلات