عبد اللطيف حسن- ولاد البلد- عشرينات- 16/1/2008

تزايد حالات التحرش الجنسي بالفتيات، وكثرة جرائم اختطافهن واغتصابهن في الآونة الأخيرة.. أوجدت دورات تدريبية جديدة من نوعها في مصر، هي دورات لتعليم الفتيات بعض الألعاب العنيفة للدفاع عن أنفسهن عند التعرض لمثل هذه المواقف الخطيرة..

الغريب أن هناك إقبال كبير على هذه الدورات من جانب الفتيات من مختلف الأعمار، وإن كانت الفئة الغالبة في سن العشرينات.. والملاحظ أن معظم المشتركات فيها تعرضن بالفعل لحالات تحرش أو معاكسة، مما أوجد لديهن دافعا قويا للتدريب للاستعداد بدنيا لمثل هذه المواقف مستقبلا.
مواجهة المتحرشين
من أمثلة دورات الدفاع عن النفس ما تقدمه ساقية الصاوي بالزمالك، حيث تصل مدة الدورة التدريبية لنحو ثلاثة شهور، يشرف عليها مدربين معتمدين من خريجي كليات التربية الرياضية ومدربي الكاراتيه والتايكوندو، ويتوافد عليها العشرات من الفتيات..

تقول نهى حسين - 25 عاما- أخذت قرار المشاركة في هذه الدورات بعد تعرضي لموقف عنيف من أحد سائقي التاكسي، حيث أنه طلب أجرة مضاعفة في حين أن المشوار كان صغيرا، وعندما رفضت أغلق باب السيارة بالقوة، واضطررت لدفع المبلغ الذي يريده لعدم قدراتي على مواجهته والتصدي له في حالة الاشتباك معه، وعندما علمت عن وجود تدريبات للدفاع عن النفس قررت الاشتراك بها.

منى محمد -19 عاما- توضح أن إقبالها على هذه الدورات سببه الرئيسي تعرضها لبعض المعاكسات وتعرضها لحوادث سرقة ولم تكن تعرف كيفية التصرف، ولكن بعد إتقانها تدريبات الدفاع عن النفس أصبحت على استعداد تام للتعامل مع أي موقف بلا خوف، وتحكي أنه في إحدى المرات تعرضت لمعاكسة من شابين يركبان دراجة، وكانا يحاولان الإمساك بها، فقامت بضرب الدراجة في مكان محدد فانقلبت بهما.
رفع القدرات البدنية
وتؤكد سميرة مجدي - 20 عاما- أن هذه التدريبات ضرورية للفتاة لأنها ترفع قدرة الفتاة على مواجهة أي تصرف عدواني تتعرض له، موضحة أنها حصلت على ثقة كبيرة في نفسها الآن ولم يعد لديها الخوف من الخروج إلى الشارع، بعد معرفتها بمجموعة من الحركات والضربات التي تستطيع من خلالها التغلب على أي شخص يحاول مضايقتها مهما كان وزنه أو بنيانه الجسماني لدرجة إسقاطه أرضا، لأن التدريب لا يعتمد على القوة بل يركز على حركات فنية في مكان محدد وبشكل سريع.

أما أسماء كمال -21 عاما- فتشير إلى أن دافعها للإقدام على تدريبات الدفاع عن النفس هو كثرة ما تسمعه وتراه في الشارع من تجاوزات ومعاكسات وتحرشات، ولذلك قررت أن تتدرب لتدافع عن نفسها، وحرصت على أن تكون التدريبات مع كابتن رجل وليس سيدة، لأن الرجل يعرف بالضبط ما الذي يمكن أن تتعرض له الفتاة من جانب الشباب، وتوضيح أسلوب التصرف السليم بالنظر إلى رد الفعل المحتمل من الشخص المعتدي.

بينما تقول نورا عبد الجابر- 21 عاما- أن كثرة المضايقات التي تتعرض لها في أثناء ذهابها للجامعة خاصة من سائقي الميكروباص والشباب دفعها لتلقى هذه التدريبات، حتى تتمكن من إيقاف هؤلاء الأشخاص بالقوة، فالفتاة تتعرض أحيانا لمواقف صعبة في الشارع ولا تجد من ينقذها إلا نفسها.
"وريني هتعملى إيه"
هند فهمي، تحكي لنا عن أحد المواقف التي تعرضت لها، فبعد تلقي شهرين من التدريب، خرجت ذات مرة إلى منطقة وسط البلد لشراء بعض أغراضها، واستغل شابين تواجدها بمفردها وحاولا معاكستها، ولكنها توقفت وحذرتهما من عواقب فعلهما، فقال أحدهما: "وريني هتعملى إيه"، وفى لمح البصر استدارات هند وركلته بقدمها في أعلى منطقة الصدر فوقع على الأرض وسط إعجاب المارة، بينما هرب صديقه!

الطريف أننا وجدنا في إحدى التدريبات فتيات صغار لا تتجاوز أعمارهن 8 سنوات، والدة إحداهن أوضحت لنا عندما سألنا عن سبب إحضار ابنتها في هذه السن الصغيرة، أنها فرصة جيدة لزيادة قدرات ابنتها البدنية للتصدي إلى محاولات زملائها الأولاد في المدرسة، الذين يستغلون ضعفها ويعتدين عليها بالضرب والمضايقة.
تدريب نظري وعملي
ياسر حمدي، مدرب كاراتيه في دورات الساقية، يقول: "نحن نستفيد في هذه التدريبات من كل رياضات الدفاع عن النفس كالكاراتيه التايكوندو وجميع الحركات الرياضية التي تناسب الفتيات وتستطيع القيام بها بسهولة، وتكون مؤثرة على الشخص المعتدي، ووضعنا هذه الحركات في برنامج تدريبي منظم لا يقتصر على المهارات الحركية بل يشتمل أيضا على المهارات النفسية، وينقسم هذا البرنامج إلى جزئين نظري وعملي، النظري يعتمد على إكساب الفتاة المهارات النفسية المناسبة لتجنب أي موقف بحيث تكون جريئة وقت الخطر، والتخلص من الشخصية السلبية الخائفة وقت الصراع، إلى جانب تعلمها كيف تتحكم في جميع أعضاء جسدها بشكل ذاتي حتى تستطيع التحكم في غيرها".

يضيف: "أما الجزء العملي فيتم تدريب الفتاة من خلاله على الدفاع عن نفسها مهما كانت قوتها البدنية ضعيفة، لأن هناك نقاط ضعف عديدة في جسم الإنسان يمكن التغلب عليه من خلالها بسهولة كالعين والأنف والفم ومنطقة الرأس، ومنطقة فُم المعدة وتحت الإبط وبين الفخذين، ويتم تعليم الفتاة كيف تستطيع توجيه الضربات إلى هذه المناطق للشخص الذي يطاردها لصده، وقد يصل الأمر إلى إصابة هذه المناطق ودخوله إلى مرحلة إغماء".

ويلفت الكابتن ياسر إلى أن استخدام الفتيات للضرب يكون للدفاع عن النفس ولا تقع الفتاة في هذه الحالة في جريمة.