كان عمرو بن الجموح قد اصطنع صنما أقامه في داره وأسماه ( منافا )، فاتفق ولده معاذ بن عمرو وصديقه معاذ بن جبل على أن يجعلا من هذا الصنم سُخرية ولعب، فكانا يدلُجان عليه ليلا فيحملانه ويطرحانه في حفرة يطرح الناس فيها فضلاتهم، ويصبح عمرو فلا يجد ( منافا ) في مكانه فيبحث عنه حتى يجده طريح تلك الحفرة، فيثور ويقول:( ويلكم من عدا على آلهتنا هذه الليلة؟)...ثم يغسله ويطهره ويطيبه، فإذا جاء الليل من جديد صنع الصديقان بالصنم مثل ما صنعا من قبل، حتى إذا سئم عمرو جاء بسيفه ووضعه في عنق ( مناف ) وقال له:( إن كان فيك خير فدافع عن نفسك )...
فلما أصبح لم يجده مكانه بل وجده بالحفرة نفسه، ولم يكن وحيدا بل كان مشدودا مع كلب ميت في حبل وثيق، وإذا هو في غضبه وأسفه، اقترب منه بعض أشراف المدينة الذين سبقوا إلى الإسلام، وراحوا وهم يشيرون الى الصنم يخاطبون عقل ( عمرو بن الجموح )، محدِّثينه عن الإله الحق الذي ليس كمثله شيء، وعن محمد الصادق الأمين وعن الإسلام الذي جاء بالنور، وفي لحظات ذهب عمرو فطهر ثوبه وبدنه، وتطيب وتألق وذهب ليبايع خاتم المرسلين...وقال في ذلك أبياتاً منها...
تالله لو كنتَ إلـهاً لم تكـنْ ....* أنتَ وكلبٌ وسْطَ بئرٍ في قَرَن
أفّ لمصرعِك إلـهاً يستـدن ....* الآن فلنثنانك عن سوء الغبـن
فالحمـد لله العلي ذي المنـن ....* الواهـب الرزق وديان الدّيـن
هو الذي أنقذني مـن قبل أن ....* أكـون في ظلمة قبـر مرتهن.
المفضلات