موضوع رائع و حوار راقي , احب اضيف حاجه لو تسمحوا لي, وهي اني شايف ان احنا واخدين الموضوع بالعكس , بمعني اننا نجد الاخوه الأعضاء و العضو الفاضل صاحب الموضوع , يريدون اقامه دوله دينيه او اسلاميه تحكم بشرع الله و تطبق الحدود و الالتزام ايمانا بمبدأ ان تضييق الخناق و التضييق علي الغير ملتزمين او من يريدون حريه دون قيود وفقا للنموذج الغربي سيجبرهم في النهايه علي السير مع الفكر العام او الرأي العام السائد و هو الالتزام بالشريعه الاسلاميه . كلام عظيم جدا.
لكن اسمحولي اختلف معكم و اطرح وجهه نظري مرحبا بالاختلاف البناء , وهو انه لا يختلف من يؤمن بالدين الاسلامي و يعلم جيدا مقدار عظمته , وانه منهاج حياه متكامل و بناء محكم انزله الله تعالي , و بعث سيدنا محمد صلوات الله وسلامه ليبلغ الدعوه و يقارع الناس بالحجه و الدليل لاقناعهم حتي يتثبت المتلقي بقوه الحجه و المنطق و من ثم يذكر الشهاده , و طبعا جميعنا يعلم مدي الأذي الذي لاقاه سيدنا محمد من الكفار ممن حاولوا ان يقاوموا دعوته بشتي السبل ليمنعوه حرصا علي مصالحهم الخاصه في بقاء الناس علي هذا الوضع .
ومن هنا اقول ان سيدنا محمد اهتم ببناء الفرد المؤمن اولا الذي يؤمن بالعقيده و يدرك مدي فائدتها و من ثم يكون مستعدا لتحمل التكاليف و التبعات لبناء المنظومه المتكامله فيما بعد , ومن ثم اخذ الاسلام في الانتشار عن طريق قوه البرهان النابع من ايمان عميق بسمو المبدأ , و عندما واجه النبي و اصحابه اي اذي غير مبرر كمحاوله لاطفاء نور الحق حارب و انتصر ليس اشتهاءا للقتال و سفك الدماء حاشا لله بل كحل اخير يكون مكرها و مجبرا عليه .
لذلك و بعد انتشار الاسلام بقوه الايمان في النفوس و اكتمل الدين واركانه و وضحت كل اموره , وجدت ضروره و كتطور طبيعي لانشاء كيان او مجتمع منظم لينظم حياه الناس كاحتياج رئيسي للمحافظه علي سير الحياه , و طبعا بدون شك و نظرا للدرجه الايمانيه العاليه و اليقين ان يتم التحاكم و الحكم بنصوص الشريعه لأن القائمين علي المجتمع وان تكون حدود الشريعه محل ترحيب و قبول للناس وفهم عميق , فعندما نقول نقطع يد السارق تجد ترحيب لأن هناك عدل , و عندما نقول نرجم و نجلد الزناه , تجد ترحيب لأن الزواج يسير بالاضافه ان من يقدم علي عمل تلك الفعله بصوره تتيح ان يشاهده 4 افراد , فانه كمن يعتدي علي المجتمع بكامله , او كما نقول نحن اليوم ( فعل فاضح في الطريق العام )
مع الفارق انه لو شاهدك امين شرطه بامكانه ان يسجنك بمحضر يعملهولك , اما شريعه المولي اشترطت 4 افراد درأ للمفاسد و صيانه للأعراض , فأيهما اعظم ؟؟؟؟؟؟, و سيرا علي هذا النهج تجد الأمور تسير بنظام محكم جميل و الكل مرحب و سعيد و ينطلق بعقله يزيد من اوتاد الايمان و يرسخه و يبحث و يسأل و يتيقين و نجد النساء تسأل و تناقش مما يدل علي مدي اهتمام الناس بالعقيده و محاولتهم ترسيخ فهمها و استعابها و هضمها علي كافه المستويات الاجتماعيه من ادناها لأعلاها , فسيدنا محمد لم ينزل برساله هدفها النهائي اقامه دوله اسلاميه ولم يأتي كي يجمع انصار و مؤيدين حوله هدفهم مقاتله اعداء الله و سفك دماؤهم و الاستيلاء علي اموالهم و نساؤهم ليكون الجيوش و ينطلق لكافه الاقطار ليدخلها بالقوه و يفرض علي اهلها الاسلام بمبدأ العصا و الجزره , و يستولي علي اموال البلاد ليكون امبراطوريه كي يحارب الفرس و الروم و اساطين الكفر !!!!!!! و لو ما لقاش حد عدو يحاربه يخلقه و يحاربه !!!! لا و الف لا لم يبعث سيد الخلق لهذا ابد.
بناءا علي ما سبق اذا اردنا اقامه دوله اسلاميه حقيقيه و ليست شكليه علينا اولا الاهتمام بالفرد و غرس الايمان الحقيقي عن طريق الفهم العميق للشريعه الاسلاميه و ذلك يأتي عن طريق العلماء المخلصين المنزهين عن الهوي واطماع الدنيا و يبدأوا في نشر صحيح الدين و مرحبين بالاختلاف و النقاش البناء بكل شجاعه ودون خوف او خجل و ذلك للوصول للحقيقه فهذا الدين متين فأوغل فيه برفق ,, من هنا ستصبح الشريعه الاسلاميه محل اهتمام من الجميع و من ثم تصبح التكاليف بناءا علي اقتناع و ايمان و ليست عادات يوميه تؤدي و فقط . من هنا نقول بعد الوصول لهذا المستوي اليقيني العالي و التقوي و الورع تأكد حتما ان الناس ستطبق الشريعه علي نفسها قبل ان تسن القوانين و تطبق عليهم لأنهم سيدركون اين كانوا قبلها و اين وصلوا بعدها .
اما ما نراه اليوم من الدعوه لدوله اسلاميه , علي طريقه الاخوان او السلفيين ...الخ , فأنا اري انه حق يراد به باطل فالاسلام ليس جماعات فكريه او تنظيم , والمتعمق في افكار هؤلاء علي شتي افكارهم نجد دوما نزعه الزعامه و حب القياده و السيطره و الشعور بالتميز و الأفضليه عن سائر البشر , و يبدأون في جمع المؤيدين و اقناعهم بأفكارهم و الاستعانه بالنصوص التي تخدم اهدافهم بعد نزعها من مضمونها و سياقها المكمل , و كل فريق يهاجم الفريق الآخر و كأنه عدوه و عندما يلتقي الطرفان في مكان ما تجد الترحيب و النفاق المزيف حفاظا علي الصوره المبهره الشكليه , و يحاولون بشتي السبل الاهتمام بالصوره المثاليه البراقه و الاهتمام الجيد بالاعلام و الكلام المنمق طبعا من خلال الدعم المالي من الشركات التجاريه علي مستوي العالم و لا مانع بالاستعانه بجيش سري هدفه نشر افكارهم و التسويق لها و محاوله انتقاء العنصر المناسب في المكان المناسب ودراسه وسائل التأثير عليه , طيب و النهايه ايه ؟ النهايه انك هتلاقي نفسك دون ان تدري بتخدم علي منظومه دوليه كبيره هدفها في النهايه حشد اكبر عدد من المؤيدين كاننا في مسابقه و استخدامها كقوي ضغط علي الدول للحصول علي مكاسب ترضي نزعه السيطره و السلطه و الاستحواذ و العنف . بالتالي فهم يسيئون للدين و يرسخون لفكره ان الاسلام انتشر بحد السيف كما يقال , فأول ان تجلس مع احد فيهم تجد النزعه العصبيه انتابته و يحاول ان يكون نجم القعده او المجلس حتي لو كان اصغر الجالسين , وتجد سيل من الفصاحه اللغويه و الكلام و الخطابه والاستعراض الأجوف , و عندما تتعامل معه و تدخل في معاملات جاده ماديه مثلا او ارتباط بزواج تجد انسانا مختلف تماما و كأنك كنت تتعامل مع شخصين مختلفين و عندما تتحاور معه يقول لك تلك نقره وتلك نقره !!! اهذا هو الدين الذي تدعو له ؟؟؟؟؟؟؟ واذا رأيت و توسمت في احدهم البشاشه و سعه الصدر و طول البال تجده اما مستغل اما بعلمه او بغير علمه انه يقوم بدور الترويج الاعلامي علي اننا جميعنا هذا الرجل البشوش !!!! و خد من ده كثير .
مثل هذا النموذج ليس هو دوله اسلاميه قويه كما صنعها الأولون , بل هو نموذج لدوله اسلاميه شكليه تحمل بذور فناءها في داخلها مهما طال الزمن بل انها تسيء للدين اكثر من خدمته ! لأنهم اهتموا بالظاهر تماما كمن بني منزلا جميلا من اقوي المواد ولم يهتم بأعمال الصرف و المياه به و عزل الحوائط و اتقن صنعها فأخذت المياه تنخر بالأساس بمرور الزمن الي ان سقط المبني رغم بناؤه من اجود المواد ! فالشرائع السماويه نزلت لهدايه النفس البشريه التي يعلمها خالقها و يعلم مكامن و اسرار تلك النفوس , لذلك لا ينبغي استغلالها لتحقيق منافع دنيويه زائله تضر اكثر ما تفيد و تهدم الهدف لصالح الوسيله , هذا اذا اردنا دوله اسلاميه عادله فينبغي علينا بذل الجهد والاصلاح الحقيقي في ترسيخ الايمان الصحيح بالعقيده سيلحقها حتما تأييد من الله , اما اذا اردنا ان ناتي بالعربه امام الحصان , فأتوقع نموذجا ليس افضل حالا من النموذج الايراني او السعودي مجرد زعامات .
المفضلات