قال بعض العارفين رضي الله عنه: ان أبا يزيد البسطامي بكى عند موته، ثم ضحك، ثم فارق الدنيا، فرؤي في المنام بعد موته، فقيل له: لم بكيت قبل الموت ثم ضحكت؟ فقال: لما كنت في النزع، أتاني ابليس لعنة الله عليه، وقال لي: يا أبا يزيد، أفلتّ من شبكتي، فبكيت حينئذ الى الله تعالى، فنزل عليّ ملك من السماء، وقال لي: يا أبا يزيد، يقول لك رب العزة: لا تخف ولا تحزن، وأبشر بالجنة، فضحكت عند ذلك، وفارقت الدنيا.
وأنشدوا:
وقفت وأجفاني تفيض دموعها وقلبي من خوف القطيعة هائم
وكل مسيء أوبقته ذنوبه ذليل حزين مطرق الطرف نادم
فيا رب ذنبي تعاظم قدره وأنت بما أشكو يا رب عالم
وأنت رؤوف بالعباد مهيمن حليم كريم واسع العفو راحم
يا أخي كم من يوم قطعته بالتسويف؟ وكم من سبب أضعت فيه التكليف، وكم أذن سمّاعة لا يزجرها التخويف؟.
ولما حضرت جابر بن زيد الوفاة قيل: ما تشتهي؟ قال: نظرة في وجه الحسن فبلغ ذلك الحسن، فجاء ودخل عليه، وقال له: يا جابر كيف تجدك؟ قال: أجد أمر الله غير مردود. يا أبا سعيد، حدثني حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الحسن: يا جابر قال رسول الله صلى لله عليه وسلم:" المؤمن من الله على سبيل خير، ان تاب قبله، وان استقال أقاله، وان اعتذر اليه قبل اعتذاره، وعلامة قبل ذلك خروج روحه يجد بردا على قلبه". فقال جابر: الله أكبر! اني لأجد بردا على قلبي. ثم فال: اللهم ان نفسي تطمع في ثوابك، فحقق ظني، وآمن خوفي وجزعي، ثم تشهّد ومات رضي الله عنه.
وكان سبب توبة داود الطائي أنه دخل المقبرة، فسمع امرأة عند قبر تبكي وتقول:
تزيد بلى في كل يوم وليلة وتسأل لما تبلى وأنت حبيب
مقيم الى أن يبعث الله خلقه لقاؤك لا يرجى وأنت قريب
المفضلات