ان الفقه الاسلامي هو مواد السلوك للمسلم وهو يتناول حياته في الصغير منها و الكبير و ينظم سلوكه الاخلاقي بأوسع ما تتضمنه كلمة اخلاق منذ ان يصبح الي ان يمسي و منذ ميلاده الي ان تنتهي به الحياة.
ثم ينظم شئون ميراثه - ان كان له ميراث- بعد حياته.
انه ينظم سلوكه مع الله فيبين له ما ينبغي ان يتحلي به حتي يصير ربانيا و ينظم سلوكه مع اخوانه في المجتمع سلبا و ايجابا قولا وفعلا .
انه قانون الحياة بالنسبة للمسلم .
انه القانون الذي يبين انواع السلوك من حيث كونه جائزا او واجبا او مستحبا و من حيث كونه حراما او مكروها و ذلك في ميادين الحياة .
وبذلك يتغلل الاسلام في ادق تفاصيل حياة المسلم حتي في رائحته .
لقد كان الفقه بيانا للحياة الاسلامية حسبما رسمها الرسول -صلي الله عليه وسلم- ويلبي حاجة المجتمعات
و ما كان الفقه يوما و ما كانت هذه المواد التي تنظم الحياة اراء بشرية انها ليست نتيجة منطق بشري او تفكير انساني يصدر عن الذات الانسانية فيختلف فيه الناس من فرد الي فرد و من بيئة الي بيئة و من زمن الي اخر كما يختلفون في كل ما هو نتاج بشري...
كلا ان الفقه الاسلامي انما هو ميراث النبوة و استنتاج من قواعده العامة و اتباعا لسلوك الرسول -صلي الله عليه وسلم- باعتباره المسلم الاول " وانا اول المسلمين ".
ان الفقه الاسلامي اتباع و ليس ابتداع و انه محاولة جاهدة لكشف الاثار النبوية و التزامها و ليس اختراعا يؤلفه بشر .
و الدين نزل هاديا للعقل...
و يتساءل الناس في اي المجالات ؟
ونحن لا نريد ان نقول نزل هاديا في مجال الماديات ..
فالدين اطلق للعقل الحرية الكاملة فيما يتعلق بالبحث و الكشف في مجال الماديات في السماء و الارض و قيده بأن يكون في خير الانسانية و كان اسلافنا يسمون هذه العلوم المادية - الطبيعة و الكيمياء الخ - يسمونها علوم الكشف عن سنن الله الكونية و ما دامت كذلك فهي كشف عن بعض صفات الله و مادام الامر كذلك فهي عبادة .
لكن الدين نزل هاديا للعقل في مجالات:1- العقيدة 2-و الاخلاق 3-و نظام المجتمع 4-و التشريع
وهذه الهداية - فيما يتعلق بالتشريع- احيانا تكون مفصلة تفصيلا دقيقا كالميراث مثلا ..
ومادامت هذه الهداية جاءت كما نؤمن من عند الله فهي معصومة و ما دامت معصومة من الخطأ فلابد من اتباعها و لا مناص من اتباعها ..
لذا جاءت الايات التي تدل علي وجوب الاتباع في غاية الصرامة او في غاية القوة
" ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الكافرون" المائدة اية 44
" ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الظالمون" المائدة اية 45
" ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الفاسقون " المائدة اية 47
لماذا هذه الصرامة في وجوب اتباع اوامر و احكام الله ؟
لأن كل من درس تاريخ الفكر البشري منذ ان كتب هذا الفكر من الازمة القديمة الي الان تتبين له قضية غاية في السهولة هي ان هذا الفكر البشري علي تتابع الازمنة بل و في العصر الواحد و في القرن الواحد و في الامة الواحدة متعارض متضارب متناقض مختلف.
اين هو الحق فيما يتعلق في هذا التضارب و هذا التضارب و هذا الاختلاف ؟!!
لسنا بصدد الحديث عن المجالات المادية لأن المجالات المادية تحكمها التجربة فالتجربة فيصل و لكنا بصدد المجالات النظرية : التشريع الاخلاق العقيدة نظام المجتمع .
اين هو الحق و اين هو الباطل في الاراء البشرية الخاصة بهذه الموضوعات ؟!
ليس هناك مقياس للحق و الباطل التي حاولت الانسانية ان تخترعها منذ زمن طويل
بل هناك في علم الاجتماع و علم النفس كثير من المباحث التي تتحدث عن صناعة الرأي العام
و الرأي العام يصنع عن طريق الصحف و الاذاعة و عن طريق التكرار يصنع بطرق و وسائل مختلفة و يصنع تزييفا و اخفاقا
و الرأي العام يصنع و مادام يصنع فهناك وسائل تصنعه و هذه الوسائل هي بيد اناس يستخدموها لتحقيق مصالحهم فقط و ليس مصالح المجتمع .
فالشريعة الاسلامية صالحة لكل زمان ومكان كونها الدين الاخير " اليوم اكملت لكم دينكم "
ومعني صالحة لكل زمان ومكان انها لا تتكيف و تتغير بتغير الزمان بل هي صالحة لان الشريعة انزلت للانسان من حيث هو انسان لا لانسان من حيث هو فرنسي او مصري او كذا ..
انها ازلت للانسان لان الانسان هو هو اينما كان في عواطفه و في انفعالاته و في سلوكه وفي تصرفه و في ذكائه و في احساسه
المفضلات