نعم حرب اكتوبر انجاز,
لنشرح أولا ما معنى ال"نصر",
يدخل كل بلد الحرب بهدف تحقيق هدف سياسى معين متناقض بين البلدين المتحاربين,
فى مصر كان الهدف هو استعادة سيناء,
و اسرائيل كانت بالطبع تريد الاحتفاظ بسيناء,
دخل السادات الحرب و هو يعلم تماما أنه لا يستطيع القاء الاسرائيليين خارج سيناء بالقوة العسكرية وحدها, فكانت خطته تتلخص فى الأتى :
- حرب تزعزع الاستقرار, و تحدث بلبلة و انكسار فى القوات الاسرائيلية, و لو مؤقت, و تعيد موضوع سيناء الى الواجهة.
- حرب ينتصر فيها و لو نصف انتصار(و هو ما تحقق), أو يحقق فيها انجازا عسكريا ما(حتى لو اضطر للتوقف بعده), حتى يستطيع أن يذهب الى المفاوضات أما شعبه و هو منتصر.
- بعد الحرب, يبدأ المفاوضات, و هى التى ستعيد له سيناء, لماذا؟ لأن اسرائيل كانت فى هذا الوقت تشعر بالخطر, فهى دولة صغيرة وسط ملايين من العرب يكرهونها, و مستعدين لالقائها فى البحر, و كان الاتحاد السوفييتى فى اوج قوته, و لديه من الاسلحة ما لا يقل عن الاسلحة الأمريكية, و هو يدعم العرب, و أدرك السادات أن الاتحاد السوفييتى سوف ينهار عاجلا ان اجلا, و أنه لن يتبقى الا الولايات المتحدة بعد ذلك, و أنه لو انتظر و لم يتفاوض الأن, فلن يحصل على شىء بعد ذلك.
استطاع السادات أن يستعيد سيناء كاملة مقابل بعض المطالب و التى تدخل فى بند اللاقيمة(أمام استعادة الأرض طبعا و هى أغلى ما فى الوجود), مثل التطبيع و الخروج من المواجهة (طبيعى مادامت الأرض لم تعد محتلة) و السماح بدخول الاسرائيليين الى شرم الشيخ بدون جواز سفر(و أيضا فى المقابل يستطيع المصرى العبور الى ايلات بالتسهيلات نفسها), بالاضافة الى وجود قوات دولية فى سيناء(و هو وضع قائم منذ 56 و لم يستحدثه السادات), و اقامة منطقة عازلة للسلاح(أيضا وضع قائم عمليا فى سيناء منذ 56).
لو قارنا كل هذه البنود بأن سيناء رجعت بالكامل الى أحضان مصر(الأرض هى أغلى ما فى الوجود بالنسبة للوطن), و كل هذه التنازلات أمامها لا تشكل شيئا ذو قيمة, لأن كلها طبيعية و تلقائية عند عقد صلح بين بلدين (التطبيع و الخروج من المواجهة), و الأن يعض الاسرائيليين أصابع الندم على هذه الاتفاقية و يعتبرون أن السادات ضحك عليهم و ده اللى حصل فعلا.
لا أحد يحب اسرائيل, لا انا و لا انت و لا مبارك و لا السادات نفسه, لكن السادات كان رجلا وطنيا يعرف قيمة الأرض التى يبذل فيها كل غالى و نفيس, و الا كان حالنا هيبقى زى سوريا اللى ارضها محتلة حتى الأن و كل وظيفة الأسد الذى يحكمها هو العواء عن المقاومة و الشجاعة و الممانعة!
المفضلات